‘مصطفى الفن’ يكتب.. ضدا على كل المقتضيات الرافضة لوضعيات الاحتكار والهيمنة..

ضدا على كل المقتضيات الدستورية الرافضة للشطط واستغلال مواقع النفوذ والامتياز..

وضدا على كل المقتضيات الرافضة لوضعيات الاحتكار والهيمنة..

وضدا على المقتضيات الرافضة لباقي الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية…

وضدا على كل المقتضيات ذات الصلة بتنازع المصالح..

وضدا على الأخلاق السياسية التي تفرض على السياسي أن يكون مثلا وقدوة ونموذجا وفي مستوى وعوده وخطاباته..

ضدا على كل هذا، فازت شركات رئيس الحكومة بأكبر صفقة لتحلية مياه البحر بالدار البيضاء..

ولم تمض سوى بضعة أيام على هذه “النائبة” التي أصابت سمعة البلد في “مقتل” حتى نزل خبر آخر كان له مفعول الصدمة أيضا:

“شركة إفريقيا المملوكة لرئيس الحكومة تفوز بصفقة أخرى تهم تزويد البرلمان بالمازوط”..

اللهم لا حسد..

لكن ما كان ربما للسيد رئيس الحكومة أن يفوز بهذه الصفقات الواحدة تلو الأخرى لو لم يكن في هذا الموقع المذر للجاه وللشطط وللنفوذ..

وأقول هذا حتى وإن كان البعض يرى أن بلدنا لا يتوفر ربما على قانون وعلى نصوص تجرم تنازع المصالح..

غير أن المثير في هذا كله هو تلك الردود المتهافتة التي تعتبر الشق الدستوري والقانوني والأخلاقي أمرًا ثانويا مادام الفائز هو شركة مغربية..

طبعا كلنا مع المغرب ومع الشركات المغربية ومع الوطن ومع الأفضلية الوطنية التي تنتصر لكل ما هو مغربي..

لكن ثمة فرقا شاسعا بين أن تفوز شركة مغربية بالصفقة وبين أن يفوز بها رئيس الحكومة بطريقة تشوش ربما على المجهودات التي قطعتها بلادنا في بناء دولة الحق والقانون..

ثم إن صفقة محطة الدار البيضاء لتحلية المياه شاركت فيها أكثر من شركة مغربية ذات خبرة وذات تجربة..

لكن الفوز بهذه الصفقة كان من نصيب رئيس الحكومة الذي يخوض ربما هذه التجربة لأول مرة وهو على رأس حكومة المغرب..

وهذا معناه أن الكلام عن تنازع المصالح واستغلال السلطة والنفوذ هو مجرد “كلام ليل” يمحوه النهار..

وقد أذهب أبعد من ذلك لأقول إن الكيفية التي فاز بها رئيس الحكومة بهذه الصفقات تبدو كما لو أنها “مفصلة” على المقاس لحماية الحيثان الكبيرة في المقام الأول..

وهنا مكمن الخطورة..

لماذا؟

لأننا اليوم نحن أمام رئيس حكومة يمارس التجارة من الموقع الحكومي علانية وربما بطريقة مستفزة لملايين الفقراء والمزاليط من الناس..

وأنا أخشى أن يكون المغاربة، بالنسبة إلى رئيسنا في الحكومة، هم مجرد زبناء وليسوا مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات..

والنتيجة كما نرى لا كما نسمع:

إننا فعلا أمام رئيس حكومة أصبح يجمع اليوم بين سلطات كثيرة منها ما ظهر ومنها ما بطن..

يحصل كل هذا في ظرفية صعبة عنوانها العريض هو الاحتقان وهو الاحتجاج وهو غلاء المعيشة و”المطيشة” أيضا..

برلماني الأصالة والمعاصرة العزيز هشام المهاجري اختصر هذا الوضع الحساس وغير العادي في مقولة خالدة من داخل قبة البرلمان:

“عزيز أخنوش هو اليوم مالك البر والبحر والجو”..

لكن تبقى أخطر سلطة بيد السيد أخنوش هي السلطة “الرابعة” أو سلطة الصحافة..

لماذا؟

لأن احتكار الكلمة هو أخطر أنواع الاحتكار..

بل إن احتكار الكلمة هو أخطر حتى من احتكار الأوكسيجين ومن احتكار “المازوط” ومن احتكار “الكيروزين” ومن احتكار “الفيول”..

أقول هذا ولو أن الصحافة هي في الأصل ليست سلطة رابعة ولا خامسة.

الصحافة كانت وستظل دائما سلطة مضادة لما عداها من السلط حتى لا تتغول باقي السلط:

السلطة القضائية والسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.

وربما لهذا السبب بالتحديد فإن عدد الصحافيين في العالم هو عدد قليل جدا جدا حتى وإن بدوا كثيرين..

وليس سرا أن السيد أخنوش يكاد يصبح اليوم المشغل رقم واحد والناشر رقم واحد والصحافي رقم واحد في عالم الصحافة والنشر وفي قطاعات أخرى لها أول ولا آخر لها..

وهذا الجمع بين كل هذه السلط المتعددة في شخص السيد أخنوش لا يخلو من أخطار محتملة قد تهدد “البنيان” ومعه بنية النسق أيضا..

لماذا؟

بكل بساطة لأننا لا نملك سلم “ريشتر” جاهزا لنقيس به منسوب “الإحباط” ومنسوب “ردة الفعل” لدى الناس الذين سيكتشفون أن السيد أخنوش باع لهم الكثير من الوعود الوهمية في حملاته الانتخابية..

نعم إن الأمر بهذا البعد المأساوي لأن هذه الوعود سرعان ما تكسرت على صخرة أول احتجاجات شلت حركة التعليم في البلد بكامله..