إلياس العماري البياع الذي تطور لمخبر 2/3

مراد بورجى

نعم إلياس العماري بيّاع، وتعمدت ألّا أضع كلمة بيّاع بين مزدوجتين ولا قوسين، لأنه البيّاع الوحيد، الذي فضحته علانية وثيقة رسمية مُسربة صادرة عن الأجهزة الاستخباراتية، التي كان إلياس يتعامل معها، وهي وثيقة موجودة بمواقع التواصل الاجتماعي، وقد اطلعت، خلال كتابة هذا المقال، على موقع “تنغير أنفو”، الذي قام بنشرها سنة 2016 وما تزال هذه الوثيقة منشورة لغاية اليوم بهذا الموقع، ولم تقم أية جهة رسمية بالطعن فيها أو نفي صحتها.

إلياس العماري، الذي عندما تمكّن، أيام سطوته، و”تجبّر” على على مدير عام إدارة الأمن، كان موضوع تقرير مرفوع إلى مستشار الملك محمد السادس المكلف بالأمن، تحدث عن إلياس العمري بصفة “متعاون” مع “الأجهزة”، التي تُعرِّفه في تقاريرها بشفرة “code” عدد 0252، وهو يقوم بالتبليغ عن أحد أقربائه المسمى سعيد شعو، البرلماني السابق عن حزب “العهد” بمنطقة الريف، أحد الأحزاب الخمسة المندمجة، التي أسس بها فؤاد عالي الهمة حزب الأصالة والمعاصرة، حيث تقول المديرية، في تقريرها هذا، إن إلياس العمري: “يورط سعيد شعو بالتهريب الدولي للمخدرات ويشير إلى علاقته بمسؤولين أمنيين وسياسيين في المنطقة”، حسب ما ورد بالحرف في الوثيقة المذكورة.

أي أن إلياس يطلب من الأجهزة أن تعمل على ترصُّد حركات وتحركات سعيد شعو، الذي يستغل علاقته بهؤلاء المسؤولين والسياسيين لتسهيل عملية التهريب الدولي للمخدرات، وهذا ما أفضى إلى حجز كمية كبيرة من مخدر الشّيرا معدّة للتهريب، واتُّهم بها سعيد شعو بعد ذلك، فكان أن فرّ إلى خارج المغرب.

وعند اندلاع موجة الاحتجاجات بالريف، إثر موت بائع السمك محسن فكري (رحمه الله) في شاحنة لنقل النفايات، عندما كان يُحاول استرجاع سلعته من الأسماك التي كانت السلطات قد حجزتها وتريد إتلافها بسبب صيدها داخل فترة الراحة البيولوجية، دخل إلياس العماري على الخط بعدة بلاغات بُغية الركوب على الأزمة للإطاحة بغريمه عزيز أخنوش “مول لبحر”، وليُقدم نفسه صاحب الحل والعقد، فكان أن دخلَ سعيد شعو بدوره على الخط ليشُن “الحرب الكلامية” على السلطات المغربية من مملكة هولندا ورَفعَ سقف المطالب إلى مستوى “تحرير” الريف، ربما يكون ذلك انتقامًا على اتّهامه ظلمًا حسب ما يدّعي بحسرة.

“بِيَّاع” و”برگاگ”، هذا ما كان يُردده أمامي سعيد شعّو، طول الوقت الذي قضيته معه بمدينة روزندال بهولندا، ومن أجل أن يُؤكد لي اتهاماته لإلياس، أمدّني بالوثيقة المذكورة، ويقول إن مسؤولين هم من أمدّوه بها، بعد أن اتهمهم بنصب كمين له، فيما سارعوا هم ليؤكدوا له العكس.

سعيد شعّو ما كان ليشُكَّ في إلياس العماري قبل اطلاعه على هذه الوثيقة، فما لا يعلمه العديد من الناس هو أن سعيد شعّو ليس إلاّ ابن أخت أم إلياس العماري “خديجة مربية الدجاج”، كما يطلق عليها ابنها في خرجاته الإعلامية…

شعو يقول إن هناك من حاول توريطه في كل هذا، وإنه بريء، ويشدّد على أن “أحدهم” أخبر شعّو فور ضبط السلطات للمخدرات، وقد يكون ساهم في عملية فراره، ربما حتى لا يتسنى لشعو دحض هذه الاتهامات عبر مواجهة من يتهمونه من الذين ضُبطوا في حالة تلبُّس.

كان هذا خلال لقائي بسعيد شعو سنة 2013، حضر معي هذا اللقاء سمير عبد المولى، العمدة الأسبق لمدينة طنجة، ونجل رجل الأعمال الذي “ترَّكته” السياسة في المغرب، و”نهبوا” من ابنه مؤسسة كاب راديو، التي لم يكن فحسب أحد مالكيها، بل كان رئيس مجلسها الإداري (2010/2006)، ووصل رقم مُعاملاتها وقتها إلى 2 مليار سنتيم، ويظن إلياس اليوم أنه، بصفته “مْعلم الشكارة” بكاب راديو، قد يفتح له ذلك باب الحصول على بطاقة الصحافة.

وعلى ذكر بطاقة الصحافة، فقد سبق أن “احتال” على مسؤولي وزارة الاتصال، فتحصّل عليها، بعدما “فرض” على رجال أعمال من البام استثمار الملايير في مجموعة إعلامية أطلق عليها اسم “آخر ساعة”، وكان مصيرها الإغلاق، لأن إلياس، أرادها أن تكون مطية لشيء في نفس يعقوب منعه “المخزن” من أن “يقضيه”.

أما اليوم، فإذا تسلم إلياس العماري بطاقة الصحافة فستكون “علامة الساعة”، لأن الذي يسهر على تسليم البطاقة، ليس هي وزارة الاتصال، بل مهنيو القطاع الممثلون في المجلس الوطني للصحافة، ويَلزم، كشرط أساسي في هذا القانون، أن يتقدم كل شخص يريد ممارسة مهنة الصحافة بشهادة من مستوى الإجازة على الأقل، أو شهادة متخصصة في مجال الصحافة مسلمة من طرف مؤسسات التعليم العالي العام أو الخاص، أو دبلوم معترف بمعادلته لها، أما في ما يخص بطاقة الصحافة الحاملة لصفة مدير النشر، التي سبق أن تحصل عليها إلياس أيام “نفوذه” المغشوش، فالقانون يشترط اليوم، بعد ملاءمة المؤسسة الإعلامية مع القانون، أن يتوفر مدير النشر، بالإضافة إلى شهادة الإجازة وما فوق، أن يكون حاصلا على بطاقة الصحافة المهنية، ويُمارس المهنة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

والمشكل، هنا، ليس فقط في غياب إلياس العماري لمدة خمس سنوات، بل الرجل لا يتوفر سوى على الشهادة الابتدائية، حسب اعترافه في حوار سبق أن أجراه معه الزميل حميد المهداوي!

وإذا كان إلياس، تجبّر، بالأمس، على مُوظفي وزارة الاتصال، عندما كان يدعي أنه صديق صديق الملك، فلن يستطيع فعل هذا اليوم، ليس فقط لانه لا يُمكنه التجبُّر مادام فقد “الغطاء” ولم تعُد تربطه صلة بصديق الملك، بعد أن أصبح مستشارًا وعلى مسافة من الجميع حسب بلاغ القصر الملكي رداً على اتهامات الرفيق بنعبد الله، خصوصا أن الهمه لم يكن على علم بكل ما كان يفعله إلياس في البلاد والعباد، إلا بعد أن حاول الياس التجبر على مدير الأمن أنداك، واليوم معلوم أن إلياس العمري، أبعد من طرف الملك نفسه، بعد أن واجهه وأمثاله ببطاقة إفساد السياسة، وطلب منهم الانسحاب، فانسحب إلياس “مطرودا” من رحمة الله وولي الأمر، ومبعوثه.

فهل يستطيع إلياس العماري اللعب مع كبار صاحبة الجلالة، مهنيين وناشرين ونقابة، لِيُسلموا لشخص تنعدم فيه الأهلية والشروط القانونية لمزاولة مهنة نزاولها نحن بالمتاعب، ليُزاولها هو بالمتعة؟؟

وإذا كان إلياس، تجبّر، بالأمس، على وزارة الاتصال، فلن يكون مقبولا، أن ينزلق كل هؤلاء اليوم، انزلاق مُوظفي الوزارة…!

ولأن “لقرع ولّى كيمشط راسو”، يُريد إلياس العماري، حاليا، الحصول على بطاقة الصحافة “بأي وجه كان”، والسبب هو أنه يعرف أنه بواسطتها سيتمكّن، من جديد، من حشر نفسه في كل شيءٍ، ومع “هلوساته” المتكررة فالرجل قد يعتقد أنه بها، “يمثّل” الديبلوماسية المغربية لدى دول أمريكا اللاتينية ويقول لنا غدًا أنه حرّر بها الصحراء المغربية من سطوة مُستغِلي القضية الوطنية من الدول الأوروبية، كما ادعى يومًا حينما رافق رجل الأعمال وعضو البام لشراء “الزُبدة” من دولتي الباراغواي والأوروغواي، وأصدر بلاغًا من هناك يقول فيه إنه “انكبّ” على مناقشة قضية الصحراء المغربية مع المسؤولين هناك، “بلا حيا بلا حشمة”، فكان أن تدخل وزير الداخلية محمد حصاد ليجعل إلياس “يدخل سوق راسو”، إلاّ أن الرجل عاد و”خرج من سوق راسو”، وذهب عند الأكراد مرةً واحدة، وبعث بصورة من هناك لنشرها بموقع البام كي يرى المغاربة إلياس عند الأكراد، لكن عند سؤاله: ماذا كنت تفعل هناك؟ يقول لك: “الله أعلم”!

إلياس، اليوم، بعد طرده من السياسة بالمغرب، وإبعاده من المناصب، التي كان يركب بها على كل هذا، أُصيب بهلوسة الأنا، وأصبح الرجل، كلما جالسته، يتكلم لك عن مهام “ما” منشغل بها تتطلّبُ منه زيارات متتالية لكل من الهند والصين واليابان وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا وأمريكا، واللائحة طويلة.

الرجل أصابته هلوسته هاته بجنون العظمة، فعاد مُسرعا إلى البلاد لكي “يُخرِج المغرب من عنق الزجاجة”، كما قالت الزميلة نعيمة لمباركي، وهي التي يبدو أنه “كالْ ليها لمجاج”، فانبهرت بما يكُون قد حكاه لها في كواليس الحوار، فقالت له إنه من سيكون بعد أخنوش، فيما رد عليها بالقول إن رئاسة الحكومة سيؤجلها لسنة 2030، لأنه لا يرى حزب الأصالة والمعاصرة في الصدارة إلا في سنة 2030، لكن سرعان ما جاءه الرد سريعا على لسان القيادي ورئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، “اللي دار راسو فيه” بالقول أن حزب الأحرار سيكون الأول في سنة 2026، وكذا في سنة 2032″ “گاع”!

نترك هلوسة الرجل، ونعود للواقع، ولعنوان المقال، لأحكي عن واقعة أخرى تؤكد أن “تابياعت” أيضًا كانت وراء “تقريع” إلياس العمري، هذه المرة من طرف الزميل الصحافي علي لمرابط، صاحب موقِعَيْ “دومان” و”دومان ماغازين”، كان اللقاء في فندق بيضاوي معروف، عندما دخله إلياس، فكان أن انهال عليه الزميل لمرابط بالتقريع، ووبّخه على “تبياعت ديالو”، حتى كاد أن يضربه لولا أن تدخّل الفنان الساخر والملتزم أحمد السنوسي بزيز، فيما أبعدتُه، بعد ذلك، فكان أن غادر إلياس الفندق، الذي جرت فيه هذه الواقعة…

حرفة “تابياعت”، كما يقول الكثير من المناضلين الراديكاليين، هي سبب تواجد إلياس العمري في العديد من اللقاءات والتجمعات دون أن تكون له علاقة بها.

الرجل ادعى أنه كان هاربًا من العدالة، محكوما بالسجن خمس سنوات، وذهب عند فوزي لقجع الذي يقول إنه آواه، وتستر عليه في غرفته بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة حينما كان طالبا هناك.

إنها قمة الهلوسة، وهنا أقول للسي إلياس العماري: قد تدخل السجن مستقبلا، أمّا في الماضي، فأتحدّاك أن تقول للمغاربة متى وأين حوكمت بتلك السنوات الخمس، ومع من؟!

نطلب منك فقط مدنا بتاريخ النطق بالحكم ونحن نبحث عن منطوقه لنتأكد أنك كنت هاربا من العدالة!!

لم تكن أيضا وعلى الإطلاق مناضلا في صفوف أي فصيل من الفصائل الطلابية في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، لأنك بكل بساطة بقيت “قاعدا” في الصف الإعدادي مع “الساقطين” في الامتحانات و”القاعديين” يشهدون على ذلك.

لم تكن على الإطلاق في صفوف الحركة الحقوقية كعضو نشيط في هياكلها ولجانها وبرامجها، سوى ممكن أن تكون يومًا تحصلت على بطاقة الانخراط، وأرشيف المنظمات الحقوقية موجود، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تشهد على ذلك.

لم تكن عضوا ضمن هيئة المعتقلين السياسيين بالمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف. لم تكن يومًا في حزب ما من أحزاب اليسار لا الراديكالي ولا نصف الراديكالي، وحزب الهمة هو الوحيد الذي آواك من جوع، وأمّنك من خوف، فتسيدت على أسيادك، الذين كانوا يحسبون الحساب لمن “صنعك”، حتى دفعت بالزميلة نعيمة لتقول لك “إنك أنتَ كنتَ تصنع الوزراء” وهذا وهم ليس إلاّ، فنحن نعرف من يصنعهم.

وفوق هذا وذاك، وبالنسبة لي شخصيا، أكاد أكون الوحيد، الذي يتوفر تقريبًا على أرشيف جميع الحقوقيين والمناضلين وجمعياتهم وأحزابهم بواسطة وكالة أنباء اشتغلت على “التأريخ” خلال 27 سنة الماضية.

وهي الوحيدة التي تعاقدت مع المنتدى لتغطية جميع القوافل التي جابت كل السجون والمعتقلات السرية بالمغرب.

وصحفييها هم من غطوا جلسات الاستماع التي نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باستقلالية عن هيئة الإنصاف والمصالحة، التي عينها الملك لتصفية هذا الملف، ومازال، في هذا الصدد، ما يُقال بالملموس