اليهود والمغاربة تعايش وتآلف منذ عقود

لا طالما انفرد الشعب المغربي بتعايشه وكرمه وحسن ضيافته للجميع ومن مختلف الديانات والجنسيات، ولعل استقرار اليهود منذ الزمن البعيد ببلاد المغرب كان أحسن شاهداعلى ذلك.
حول هذا وعن خصوصيات عيش الأقلية اليهودية بالمغرب وتعلقهم المتميز بملك البلد محمد السادس والمزيد نكتشفه في هذا الحوار الذي أجراه “مغرب تايمز” رفقة الدكتورعبد الهادي المدن الباحث في التاريخ .


1-أهم المظاهر التي طبعت العلاقة بين المغاربة واليهود؟


ارتكزت العلاقة بين المغاربة المسلمين والمغاربة اليهود على حسن الجوار والتعايش السلمي وعلى العلاقات الاقتصادية والاجتماعية المتميزة منذ عصور التاريخ المبكرة. كما شكل اليهود فئة اجتماعية وجزء لا يتجزء من نسيج المجتمع المغربي. واستقروا في كافة أرجاء الوطن شماله وجنوبه وشرقه وغربه. في حواضره وبواديه، كما مارسوا أدوارا أساسية كفئة اختصت بالحرف اليدوية والتجارة القريبة ( العطارة) والبعيدة المدى في إطار الشبكات التجارية وتجار الشتات.


وتقدم المصادر التاريخية شواهد دالة عن مظاهر التعايش في مستوياته البسيطة كالتساكن والتجاور، أو في مستوياته الرسمية كالعلاقة بين اليهود والأسر الحاكمة في المغرب وشيوخ القبائل في إطار الاتفاقيات الشرعية أو العربية.


ذلك ما أبانت عنه دراسات أكاديمية على سبيل المثال لا الحصر)يهود واد نون “أصول .. جذور .. وأدوار( التي أماطت اللثام عن مظاهر وجوانب العلاقات بين المغاربة واليهود وطابعها السلمي مثل دراسات شحلان وابيتبول وشروتر وبوم وستاين وغيرهم.


2-تاريخيا ما هي خصائص تعايش الشعبين المغربي واليهودي؟


من أهم خصائص العلاقة بين المغاربة واليهود هي التعايش السلمي وإستمراريته في الزمن التي تتجاوز قرون عديدة، إذ كما هو معلوم وصلت أولى المجموعات اليهودية إلى المغرب في العصر القديم متخذة طريقين بري وصل إلى منطقة تودغى في درعة العليا وبحري عبر السفن الفينيقية إلى منطقة إفران الأطلس الصغير وقد ساهم هذا الامتداد الزمني في تعميق الصلة حتى وصلت إلى هذا النموذج الفريد اليوم.


ومن الخصائص الأخرى المميزة هي المصلحة المتبادلة بين هذينمكونين الرئيسيين. فمن جهة ضمن المسلمون الحماية لليهود كفئة هشة في المقابل تكفل اليهود بدور الفئة التي تمتلك وسائل الإنتاج الضرورية للمجتمع المغربي.


3 -استقرار الأقلية اليهودية بالمغرب في عهد حكم الملك محمد السادس؟


ارتبط اليهود بالأسرة العلوية منذ وصولها إلى حكم المغرب، وجمعتهم علاقة روحية ومادية مع الملوك العلويين، الذين ضمنوا لهم الشروط الضرورية للاستقرار في امن وسلام في بلادهم.


وقد احتل اليهود مكانة هامة داخل البلاط العلوي وتقلدوا مناصبة حساسة في بيت المال المخزني أو في دار السكة بل في التمثيلية الدبلوماسية. وقد درس بعض الباحثين العلاقة بين السلاطين والملوك العلويين واليهود فيما عرف تجار السلطان، ومن أهم هذه الدراسات كتاب مشيل ابيتبول تجار السلطان ودراستي دانييل شروتر تجار الصويرة ويهودي السلطان.


وقد استمرت العلاقة بين اليهود وجلالة الملك محمد السادس ووالده المغفور له الحسن الثاني وجده المعظم محمد الخامس، رغم الظروف التاريخية الصعبة في إطار الصراع العربي الاسرائيلي، الا أن الجذور التاريخية التي تغذي علاقة المغاربة بالعرش العلوي عميقة وضاربة في أعماق التاريخ ولازلت تتجدد بفضل مثل هذه المبادرات الملكية السامية، التي تكفل للمكون اليهودي مكانته التاريخية وتحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه الشرعية التي لا يمكن أن تتغير أو تكون موضوع مساومة أو جدال.