النيابة العامة تقر بتسجيل 794 إضراباً عن الطعام خلال عام
تطفو قضية حقوق المحتجزين باستمرار على سطح الاهتمامات القضائية بالمملكة، حيث تبرز إجراءات الرقابة داخل المؤسسات السجنية كمحور رئيسي في عمل الجهاز القضائي.
وكشفت رئاسة النيابة العامة في تقريرها السنوي «تقرير النيابة العامة 2024»، الذي نُشر عبر الموقع الرسمي للنيابة واطلعت عليه «مغرب تايمز»، عن تسجيل 794 حالة إضراب عن الطعام داخل المؤسسات السجنية خلال الفترة الماضية. وأظهرت البيانات تبايناً واضحاً في التوزيع الجغرافي لهذه الحالات، وتنوعاً ملحوظاً في دوافعها من دائرة قضائية لأخرى، مما يشير إلى طبيعة معقدة ومتعددة الأسباب لهذه الظاهرة الاحتجاجية داخل أسوار السجون.
وأوضح التقرير الآلية المتبعة للتعامل مع هذه الوضعية، حيث ينتقل قضاة النيابة العامة فور تلقي البلاغ لإجراء زيارة ميدانية للسجين المضرب. ويتم خلال اللقاء الرسمي، الذي يُدون في محضر مفصل، الاستماع إلى السجين لاستجلاء الأسباب الكامنة والمباشرة وراء قراره بالامتناع عن الطعام، سواء كانت تلك الأسباب مرتبطة بظروف الاحتجاز، أو بقرارات إدارية داخل المؤسسة، أو باعتراضات على سير القضايا.
وتهدف هذه الخطوة، كما يبين التقرير، إلى تحقيق هدفين رئيسيين: الأول حث السجين على وقف إضرابه من خلال الحوار المباشر وتوضيح المخاطر الصحية الجسيمة والمباشرة التي قد تهدد حياته. أما الهدف الثاني، فيتمثل في توجيه المضربين بشكل منهجي نحو المساطر القانونية والقضائية النظامية، سواء لتقديم شكاويهم أو لطلب مراجعة قرارات، مما يضمن تحويل احتجاجهم من فعل شخصي محفوف بالمخاطر إلى مسار مؤسساتي يحفظ حقوقهم ويضمن متابعة قضاياهم عبر القنوات الرسمية.
ولفت التقرير أيضاً إلى التزام النيابة العامة، ممثلة في قضاتها، بمتابعة الحالة الصحية للسجناء الذين يصممون على مواصلة الإضراب عن الطعام، واتخاذ كل الإجراءات الوقائية والعلاجية الكفيلة بحماية سلامتهم البدنية، وذلك بالتعاون مع الأطر الطبية داخل المؤسسات السجنية. وتشمل هذه الإجراءات أيضاً تمكين السجناء من سبل الطعن القانوني كاملة، خاصة في الحالات التي يكون فيها الدافع وراء الإضراب الاعتراض على حكم قضائي، حيث يتم تذكيرهم بحقهم في اللجوء إلى محاكم الاستئناف أو الطعن بالنقض وفق ما يسمح به القانون.
ويأتي نشر هذه المعطيات التفصيلية، كما يبدو من سياق التقرير، في إطار سياسة أوسع للانفتاح الإعلامي والشفافية التي تنتهجها المؤسسة القضائية. ويعكس هذا الإعلان استمرار وتيرة العمل الرقابي للنيابة العامة، ليس فقط كجهاز اتهامي، بل كحارس للقانون وضامن للحقوق الأساسية داخل المؤسسات الإصلاحية، في مسعى واضح لتحسين ظروف الاعتقال والارتقاء بمعايير احترام حقوق الإنسان على المستوى الوطني، وفق الأطر القانونية والمعايير الدولية ذات الصلة.

تعليقات