آخر الأخبار

مهلة واشنطن للمصالحة تنقضي.. والمستقبل يظل غامضاً للعلاقات بين الرباط والجزائر

انقضت المهلة الزمنية التي كانت الدبلوماسية الأمريكية قد أشارت إليها كإطار زمني متوقع لتحقيق تقارب بين المغرب والجزائر، دون أن تشهد الساحة إعلاناً رسمياً يطوي صفحة القطيعة المستمرة منذ سنوات. يلف هذا الصمت المشهد بكثير من الغموض حول المسار المستقبلي للعلاقات الثنائية بين البلدين الجارين، رغم الإجماع على تراجع حدة الخطاب العدائي المتبادل في الأشهر القليلة الماضية.

ويذكر أن مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، كشف يوم السبت، في برنامج «60 Minutes» على شبكة CBS، عن توقعات علنية بإمكانية إبرام اتفاق مصالحة خلال ستين يوماً. لم تتحقق هذه التوقعات ضمن الإطار الزمني المعلن، لكنها كشفت عن عمق الانخراط الأمريكي في الملف، الذي يوصف بأنه جزء من سياسة استباقية أوسع لمعالجة النزاعات الإقليمية الحساسة.

لا تزال العلاقات بين الرباط والجزائر معلقة رسمياً على المستوى الدبلوماسي، كما أن مشروع أنبوب الغاز العابر للأراضي المغربية ظل مجمداً. وقد سادت في الفترة الماضية تحليلات حذرت من احتمال تحول الخلاف إلى مواجهات محدودة، مما دفع الجهود الأمريكية السابقة للتحرك بقوة أكبر من نظيرتها الأوروبية لاحتواء الموقف.

ورغم انقضاء المهلة دون إعلانٍ يذكر، تؤكد مصادر سياسية مطلعة أن قنوات الاتصال والوساطة الأمريكية لا تزال نشطة بعيداً عن الأضواء الإعلامية. يُعتقد أن هذه الجهود الخلفية هي المسؤولة إلى حد كبير عن تهدئة الأجواء، والتي تجلت في انحسار الحملات الإعلامية المتبادلة بين البلدين مؤخراً.

يبدو أن الملف المركزي الذي سيرسم ملامح المستقبل هو قضية الصحراء. وتشير قراءة التطورات إلى أن النبرة الجزائرية في الطرح الدولي للملف قد خفت وضوحاً، خاصة في أعقاب القرار الأممي الأخير الذي دعا إلى استئناف المفاوضات السياسية حول مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

وفي هذا السياق، نقلت مصادر دبلوماسية أوروبية عن الجهود الأمريكية الحالية أنها تسير بشكل منفرد، دون إشراك الأطراف الأوروبية التقليدية في الملف. ويبدو أن واشنطن تعتمد على دروس الماضي التي رأت فيها فشلاً للوساطة الأوروبية في تحقيق اختراق ملموس.

من جهتها، تواصل الجزائر نفي وجود أي وساطة رسمية بينها وبين المغرب. وفي المقابل، يحتفظ الجانب المغربي بموقف رسمي متحفظ، على الرغم من أن الخطاب الملكي الأخير حمل رسائل واضحة للجار الشرقي دعت إلى فتح صفحة جديدة والتعاون، وهي إشارة تُفسر على أنها ترحيب بالجهد الدولي الهادف للتقريب.

ويؤكد محللون أن مستقبل العلاقات الثنائية سيبقى مشروطاً بشكل حاسم بتقدم المحادثات المباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو. ويُستدل على ذلك من انفتاح الطرفين، الجزائر والجبهة، على العودة إلى طاولة الحوار تحت مظلة الأمم المتحدة لمناقشة الحل النهائي.

وتطرح التصريحات الأمريكية السابقة، التي لم تتحقق في موعدها، تساؤلاً حول ما إذا كان انقضاء المهلة يعني نهاية المسعى أم أنه مجرد محطة في طريق دبلوماسي أطول. تبدو الإجابة رهناً بعوامل معقدة، يأتي في مقدمتها تطور المفاوضات حول الصحراء والرغبة السياسية الحقيقية للطرفين.

بينما تترقب العواصم الإقليمية والدولية الخطوة التالية، يبقى المشهد مغلقاً على عدة احتمالات. فإما أن يؤدي الصمت الحالي إلى تجدد التوتر، أو أن يُخفي تحضيرات لاتفاق مفاجئ، أو أن يستمر الجمود تحت رعاية هدنة غير معلنة، حيث يبدو أن مستقبل العلاقات المغربية-الجزائرية لا يزال كتاباً مفتوحاً على صفحاته الأخيرة.

المقال التالي