وزارة الاقتصاد تطلق صفقة دولية لصيانة وتنظيف عماراتها بأزيد من 8,8 ملايين درهم

في مشهد يختزل مفارقات الإدارة المالية العمومية، تعلن وزارة الاقتصاد والمالية عن صفقة جديدة للصيانة والنظافة تتجاوز قيمتها 8,8 مليون درهم، وفي الوقت ذاته تكشف أرقامها الرسمية عن توسع خطير في عجز الميزانية ليصل إلى 71,6 مليار درهم. هذه المفارقة تطرح أسئلة محرجة حول أولويات الإنفاق الحكومي.
اليوم، تشهد الوزارة إطلاق منافسة دولية لصيانة عماراتها، بينما يغيب أي إعلان عن خطة طارئة لمعالجة العجز المتفاقم. وكأن الوزارة تنشغل بترتيب ديكور المنزل بينما النار تستعر في أساساته.
يبلغ حجم الصفقة 8,815,361.63 درهماً، ويُطلب من المتعهدين ضمان مالي مؤقت بقيمة 170 ألف درهم، في حين يتسع العجز الشهري للميزانية بأكثر من هذا المبلغ. أليست هذه الأولويات بحاجة إلى مراجعة عاجلة؟
واقع المالية العمومية ينذر بأزمة: ارتفاع النفقات بـ63,4 مليار درهم مقابل نمو إيرادات بـ42,6 مليار درهم فقط. لكن يبدو أن القائمين على الوزارة ينشغلون بتنظيف الواجهات عن معالجة الجروح النازفة في جسد الميزانية.
اللافت أن الوزارة، رغم علمها المسبق بتفاقم العجز، تختار الإعلان عن صفقات ثانوية دون تقديم خطة واضحة لترشيد الإنفاق. فكيف تُبرر إنفاق الملايين على النظافة بينما تعلن عن تراجع في تكاليف المقاصة بمليارات الدراهم؟
المفارقة تتعمق عند مقارنة هذه الصفقة بالضغوط المالية التي يعاني منها المواطنون. فبينما تشدد الحكومة شروط الدعم الاجتماعي وتتحدث عن تقشف، نجدها تُطلق العنان لصفقات قد تكون أبسط وأقل كلفة لو أُسندت لإدارات محلية.
الأمر لا يتعلق بعدم أهمية صيانة الممتلكات العامة، بل بترتيب الأولويات في ظل أزمة مالية واضحة. فلماذا لا تُعلن الوزارة عن خطط لخفض نفقاتها التشغيلية أو مراجعة عقود الخدمات الثانوية قبل التسرع في إطلاق مناقصات جديدة؟
المواطنون يتساءلون بحق: أين هي خطط التراشق المالي التي تتحدث عنها الحكومة؟ وكيف تُبرر إنفاق ملايين الدراهم على صفقات ثانوية بينما تعلن عن عجز بمليارات الدراهم في الميزانية العامة؟
هذه المصادفة بين إعلان العجز وإطلاق الصفقة تضع وزارة الاقتصاد والمالية في موقف دفاعي صعب. فالشفافية المطلوبة لا تكمن فقط في الإعلان عن الأرقام، بل في تقديم مبررات مقنعة لخيارات الإنفاق في ظل أزمة مالية متصاعدة، وهو ما يبدو غائباً في هذه المعادلة المالية المحيرة.

تعليقات