آخر الأخبار

هشاشة البنية التحتية.. فيضان يعزل قرى إقليم العرائش ويحاصر حافلة مدرسية

يعيش سكان عدد من القرى والجماعات القروية التابعة لإقليم العرائش حالة من العزلة والقلق، بعدما قطعت مياه الفيضان الطريق الرئيسي الوحيد الذي يمثل شريان حياتهم اليومي. فمنذ عشية السبت، حوّل فيضان وادٍ مجاور الطريق الرابطة بين القصر الكبير وعرباوة إلى ما يشبه مجرى مائي، ما تسبب في شلل تام لحركة التنقل.

وسُجّلت أعلى درجات الخطر والارتباك يوم السبت، حين علقت حافلة مدرسية تقل عشرات التلاميذ وسط المياه المتدفقة. هذا المشهد الاستثنائي حوّل القلق إلى ذعر في صفوف العائلات، التي ظلت تتابع الوضع عن بُعد، عاجزة عن الوصول إلى أبنائها، في ظل استمرار التساقطات المطرية التي زادت من تعقيد الوضع وقلّصت إمكانيات التدخل.

وأمام هذا الحصار المائي، وجد سائقو المركبات الخاصة أنفسهم أمام خيارين صعبين؛ إما التوقف والانتظار لمدة غير معلومة، أو المجازفة بسلوك مسالك قروية بديلة تفتقر إلى شروط السلامة. هذا الانقطاع لم يكن مجرد إزعاج عابر، بل كشف هشاشة الوضع الذي تعيشه مناطق ريفية كاملة تعتمد على طريق واحد ضعيف، ينقطع عند أول اختبار مناخي قوي.

ويبدو أن هذا الحادث ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة من المعاناة المتكررة. فمع كل تساقطات مطرية مهمة، تتكرر المشاهد نفسها؛ أودية تفيض، وطرق تُغمر بالمياه، وقرى تجد نفسها معزولة عن محيطها. هذا التكرار يثير تساؤلات جدية حول نجاعة الحلول المؤقتة، ويعكس غياب رؤية استباقية لتعزيز قدرة البنية التحتية على الصمود أمام التقلبات المناخية.

وتتجه أصابع الانتقاد نحو هشاشة منظومة الصرف الصحي والبنية التحتية الطرقية، التي تُظهر عجزاً متكرراً عن استيعاب كميات الأمطار. ويتساءل السكان عن أسباب تأخر إنجاز مشاريع تقوية الجسور، وتوسيع القنوات، ورفع مستوى الطرق، رغم أن هذه الأزمات تتكرر بشكل شبه سنوي وتخلّف الأضرار نفسها.

وتختزل صورة الحافلة المدرسية العالقة وسط المياه عمق الإشكال القائم، إذ لا يتعلق الأمر فقط بصعوبة التنقل، بل بقضية تمس سلامة الأطفال، واستقرار الأسر، وحق الساكنة في الولوج الآمن إلى الخدمات الأساسية. وهو واقع يجعل المطالبة بحلول جذرية ضرورة ملحة، تفرض الانتقال من التدخلات الظرفية إلى معالجة حقيقية لأعطاب البنية التحتية.

المقال التالي