آخر الأخبار

خلفية الأرقام الصادمة: لماذا استهدفت أوروبا المغاربة بـ 6,670 أمر ترحيل في 4 أشهر فقط؟

تطفو على السطح مجدداً إشكالية الهجرة وعلاقات الضفتين، بعدما كشفت معطيات رسمية أوروبية عن توجه لافت. فقد أصدرت دول الاتحاد الأوروبي آلاف القرارات التي تستهدف مواطنين مغاربة خلال فترة زمنية قصيرة، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول السياق والدوافع.

وأظهرت البيانات نشر 6,670 أمراً يلزم المغاربة بمغادرة الأراضي الأوروبية خلال الربع الثالث من العام الماضي. ويشكل هذا العدد ما يقارب 5.8% من إجمالي قرارات الترحيل الصادرة في الفترة نفسها عن «يوروستات»، مما يضع الجنسية المغربية ضمن الفئات الأكثر استهدافاً إلى جانب الجنسية الجزائرية.

غير أن قراءة متأنية للواقع تكشف مفارقة جوهرية. فبالرغم من ضخامة العدد الذي قد يوحي بحملة ممنهجة، فإن نسبة تنفيذ هذه القرارات ظلت ضئيلة بشكل ملحوظ على مدى السنوات الماضية. وتشير تقديرات إعلامية إلى أن هذه النسبة لم تتجاوز 8% خلال العام الماضي، مما يطرح إشكالية الفجوة بين القرارات الصادرة والتنفيذ الفعلي على الأرض.

ويُعزى هذا التعثر في التنفيذ إلى مجموعة من العوامل المتشابكة. فقد أشارت تقارير إسبانية، على سبيل المثال، إلى صعوبات عملية في التعاون الثنائي، تتعلق بشكل أساسي بإجراءات التحقق من الهويات والمساطر القانونية الطويلة، وهذا التعقيد يحول دون تحويل الأرقام إلى واقع ملموس في العديد من الحالات.

من جهة أخرى، يرفض المغرب التعامل مع الملف بمنطق الأرقام المجردة أو الانسياق وراء الضغوط. إذ يُدار الملف من منظور سيادي كامل، يأخذ في الاعتبار التزامات المملكة بحقوق الإنسان وقوانينها الوطنية، بالإضافة إلى وضعيات الأفراد الإنسانية الهشة. كما يُنظر إليه في إطار شراكة إستراتيجية معقدة ومتوازنة مع الاتحاد الأوروبي.

ويتجاوز المفهوم المغربي كونه مجرد «بلد منشأ» أو «عبور»، إلى كونه شريكاً رئيسياً في إدارة الحدود ومحاربة الشبكات الإجرامية المنظمة. هذا الدور المركزي يجعل من مقاربة الاتهام أو التصعيد من طرف واحد مقاربة غير مجدية، بل وقد تقوض التعاون في مجالات أوسع وأكثر حيوية للطرفين.

وبالتالي، تثبت هذه الحالة أن ملف الهجرة يبقى معادلة سياسية وأمنية وإنسانية شديدة التعقيد. الحلول المستدامة لا تكمن في التصريحات أو الأرقام الصادمة، بل في تعزيز الحوار البناء، وتقاسم المسؤوليات، وتفهم التحديات المشتركة ضمن إطار يحترم السيادة والكرامة الإنسانية في آن واحد.

المقال التالي