مجلة «War Wings Daily»: الطائرات المسيّرة تُعيد رسم خريطة الصراع في الصحراء لصالح المغرب

كشفت المجلة الفرنسية المتخصصة في الشؤون العسكرية «War Wings Daily»، في تحليل موسع اليوم، عن تحول جوهري في طبيعة النزاع المستمر في الصحراء؛ حيث أصبحت الطائرات المسيّرة عاملاً حاسماً في تحديد معالم مرحلة جديدة تُعيد تعريف أساليب المواجهة.
يعود النزاع إلى سبعينيات القرن الماضي، وشهد تصعيداً حاسماً أدى إلى انهيار اتفاقية الهدنة، فأعادت المنطقة إلى مواجهة مباشرة بأدوات تكنولوجية متطورة قلبت موازين القتال التقليدي.
تبنت الرباط استراتيجية جديدة تعتمد على التفوق الجوي غير المأهول، وشيّدت أسطولاً متطوراً يجمع بين طرازات تركية مثل «البايرقدار تي بي 2»، وصينية مثل «وينغ لونغ»، وإسرائيلية مثل «هاروب». مكّن هذا التنوع من تنفيذ عمليات استطلاع مستمرة وضربات دقيقة استهدفت تحركات عناصر تتبع جبهة البوليساريو، مما أضعف قدراتها في المساحات الصحراوية الشاسعة.
غير أن هذا التفوق التقني أثار جدلاً إنسانياً ودولياً واسعاً؛ فقد وثّقت تقارير عدة حوادث ضربات جوية داخل «المنطقة العازلة» المنزوعة السلاح، وأسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين بينهم سائقون تجاريون من جنسيات مختلفة، مما أثار استنكاراً ودعوات لإجراء تحقيقات شفافة حول مدى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني.
رداً على الانتقادات، تؤكد المصادر الرسمية المغربية أن عملياتها «دفاعية بحتة» وتستهدف تهديدات مسلحة فقط. في المقابل، تصف جبهة البوليساريو الضربات بأنها «اغتيالات ممنهجة» وخرق للالتزامات الدولية، مما يعكس استقطاباً عميقاً في رواية الأحداث.
وتظهر المعطيات الميدانية تسارعاً ملحوظاً في وتيرة العمليات؛ إذ تُقدّر بعض التقارير وقوع أكثر من خمسين ضربة بطائرات مسيّرة خلال السنوات القليلة الماضية، مع سقوط عشرات الضحايا المدنيين، مما يضع المجتمع الدولي والأمم المتحدة أمام اختبار صعب للتوفيق بين المراقبة القانونية والحقوق الأمنية للدول.
ويؤكد التحليل أن تأثير هذا التحول التكنولوجي يمتد إلى الأبعاد الجيوسياسية الأوسع؛ فالاعتماد على أسلحة من موردين دوليين مختلفين يعقّد المشهد الدبلوماسي، ويجعل من الصحراء ساحة غير معلنة لتنافس تقني بين عدة قوى.
بينما تعيد هذه الطائرات رسم الخريطة العسكرية، يبدو الطريق نحو حل سياسي دائم أكثر وعورة، مما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان التقدم التكنولوجي العسكري يعمل كعامل لفرض الاستقرار، أم كمحفز لاستمرار الصراع وتصعيده.

تعليقات