آخر الأخبار

رصد خاص لـ«مغرب تايمز»: بالأرقام.. قصة تحوّل المغرب إلى سوق استراتيجي للماشية البرازيلية

كشفت أرقام تجارية اليوم عن مشهد اقتصادي ديناميكي، حيث تتعزّز مكانة المغرب بوصفه وجهةً حيوية لصادرات الماشية الحية على الخريطة التجارية العالمية، ولا سيّما مع البرازيل التي تُعَدّ واحدةً من كبار المُصدّرين في هذا القطاع.

وتُظهر البيانات الصادرة عن شركة «سكوت كونسولتوريا» الاستشارية المتخصّصة والمتعلقة بالشهر الماضي، حجم التبادل التجاري الكبير بين البلدين. فقد استقبلت المملكة ما لا يقل عن 4,600 رأس من الماشية الحية، قُدّرت قيمتها الإجمالية بأكثر من 115.6 مليون دولار أمريكي، أي نحو مليار و150 مليون درهم مغربي، متجاوزةً عتبة المليار درهم في شهر واحد.

وترتبط هذه الحركة التجارية النشطة بأهمية الصادرات الحيوانية للاقتصاد البرازيلي، إذ تُشكّل مصدراً مباشراً للسيولة والعائدات المالية. فقد بلغ إجمالي ما صدّرته البرازيل في الفترة نفسها نحو 113,000 رأس، بقيمة إجمالية ناهزت 115 مليون دولار، وفق تحليل الشركة.

ويمكن تتبّع مصادر هذه الصادرات جغرافيًا، حيث تصدّرت ولاية «ريو غراندي دو سول» المركز الأول بإجمالي 46,000 رأس، خُصّص منها 1,000 رأس للسوق المغربية. بينما وجّهت ولاية «سانتا كاتارينا» جميع شحناتها البالغة 3,600 رأس حصريًا نحو المملكة، استنادًا إلى بيانات الشركة.

ولا تزال الصورة غير مكتملة بالنسبة للحصة المغربية من صادرات ولاية «بارا»، والتي وزّعت 33,000 رأس على عدة أسواق تشمل مصر والعراق والسعودية وتركيا والمغرب، دون إيضاح النسبة المخصصة لكل وجهة في البيانات الأولية التي رصدتها «سكوت كونسولتوريا».

ويُشار إلى أن هذه الأرقام أولية وقابلة للمراجعة من قِبَل السكرتارية البرازيلية للتجارة الخارجية. إلا أن تحليل الشركة يؤكّد وصول العدد المذكور من رؤوس الماشية إلى المغرب، مع احتمال تسجيل أعداد إضافية غير مفصّلة في التقارير الأولية.

ويعكس هذا التبادل التجاري المكثّف مستوى التعاون الزراعي والاقتصادي المتزايد بين الرباط وبرازيليا. فقد استوعب المغرب خلال شهر واحد ما يقارب 4.1% من إجمالي عدد رؤوس الماشية التي صدّرتها البرازيل إلى العالم، بناءً على حسابات تقرير الشركة المتخصّصة.

ويلعب هذا التوجّه دوراً رئيسياً في دعم سلاسل التوريد المحلية، إذ يُساهم استيراد هذا الحجم من الماشية في تأمين جزء مهم من احتياجات السوق المغربية من البروتين الحيواني، في ظلّ النمو السكاني المستمر. لكنّ هذا الاعتماد المتصاعد على الاستيراد يطرح تساؤلات حول أمن المغرب الغذائي على المدى الطويل، واستدامة سياسات تأمين السلع الأساسية، في وقت تسعى فيه دول كثيرة إلى تعزيز إنتاجها المحلي لتقليل التبعية للخارج.

وتُساهم هذه العلاقة التجارية أيضاً في فتح آفاق جديدة للشراكة، حيث يجعل استثمار ما يقرب من مليار و150 مليون درهم في شهر واحد من المغرب شريكاً تجارياً ذا أولوية، مما يعزّز فرص نقل المعرفة وخلق قيمة مضافة محلياً. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا عن مدى تحويل هذا الاستثمار إلى صناعة تحويلية وطنية قوية، قادرة على المنافسة والاكتفاء الذاتي، بدلاً من أن يظلّ المغرب سوقاً استهلاكياً لمواد أولية مستورَدة.

تُبرز الأرقام التراكمية دينامية القطاع، حيث اقتربت صادرات البرازيل من عتبة 959,500 رأس منذ بداية العام الجاري حتى الشهر المذكور، متجاوزةً أداء الفترة المناظرة من العام الماضي، وفق بيانات «سكوت كونسولتوريا». وهي إشارة إلى نموّ مستمر يُتوقّع أن يحقّق أرقاماً قياسية مع نهاية ديسمبر المقبل، في مسار يتطلب مرافقته بدراسة عميقة لتأثيراته على الميزان التجاري والقطاع الفلاحي المحلي.

المقال التالي