«خطة الطوارئ لملء المدرجات».. هل تؤثر التذاكر المجانية في «كان 2025» على معايير الأمن والتنظيم؟

تظهر المدرجات في بعض مباريات كأس الأمم الإفريقية بالمغرب بأحجام حضور متفاوتة، ما يضع المنظمين أمام تحدٍّ كبير. وتوضح مصادر «مغرب تايمز» أن هذا الواقع يفرض البحث عن حلول مبتكرة لتحقيق التوازن بين الطاقة الاستيعابية الضخمة للملاعب وعدد الجماهير الفعلي في كل مباراة.
وبرزت مبادرة الدخول المجاني كأحد أبرز الحلول المرنة للتعامل مع هذا الإشكال، خصوصاً في المباريات التي تُجرى خارج أوقات الذروة أو تجمع منتخبات لا تتوفر على قاعدة جماهيرية واسعة داخل المدن المستضيفة. وسُجّل أول تطبيق لهذا الإجراء بمدينة أكادير خلال مباراة مصر وزيمبابوي.
وعلى النهج نفسه، اعتمدت الرباط هذه الصيغة في اليوم الموالي خلال مواجهة الكونغو الديمقراطية وبنين. وتُظهر المعاينات الميدانية أن هذه الآلية ساهمت في تحسن نسبي في نسبة الإشغال، إذ امتلأت المدرجات تدريجياً بعد انطلاقة محتشمة من حيث الحضور.
ورغم النجاعة الظاهرة في ملء المقاعد، فإن اعتماد سياسة «الدخول الحر» بشكل غير مؤطر يطرح تساؤلات أساسية حول مدى انسجامها مع الأطر التنظيمية المعتمدة في البطولات القارية الكبرى. وتبدو هذه المقاربة مزدوجة التأثير، إذ تحقق مكسباً جماهيرياً آنياً، لكنها قد تفرز، في المقابل، مخاطر تنظيمية محتملة.
ويتمثل التحدي الأبرز في تدبير التدفق المفاجئ لأعداد كبيرة من الجماهير نحو الملاعب خلال فترة زمنية وجيزة، ومن دون تخطيط مسبق واضح. مثل هذا الوضع قد يحدّ من فعالية مراقبة عمليات الولوج، ويضع الترتيبات الأمنية الموضوعة سلفاً أمام اختبارات دقيقة.
وتستحضر هذه التجربة النموذج الذي جرى اعتماده خلال كأس الأمم الإفريقية للسيدات بالمغرب، حيث أسهم الدخول المجاني في خلق أجواء عائلية وتعزيز الإشعاع الترويجي للبطولة. غير أن الفارق الجوهري يظل قائماً بين طبيعة الجمهور وحجمه المتوقع في البطولتين، ما يفرض مقاربات مختلفة تراعي خصوصية كل تظاهرة.
وتؤكد التجارب السابقة أن سياسة التذاكر لا يمكن أن تكون موحَّدة بين مختلف الأحداث الرياضية، بل ينبغي أن تُبنى على دراسة دقيقة لسلوك الجمهور المستهدف وخصائص كل بطولة. فالفعاليات الكبرى ذات الكثافة الجماهيرية المرتفعة تتطلب إجراءات أكثر صرامة مقارنة بتلك المعتمدة في التظاهرات ذات الطابع الترويجي.
ويُعد نظام «التذاكر المسمّاة» من البدائل التنظيمية القادرة على تحقيق توازن بين تشجيع الحضور وضبطه، إذ يتيح تتبع هوية المشجعين والحد من الظواهر غير القانونية، مثل إعادة بيع التذاكر خارج القنوات الرسمية. ورغم ما يرافقه من تعقيد لوجستي، يظل هذا الخيار أكثر توافقاً مع المعايير الدولية المعتمدة في تدبير الحشود.
وتكشف هذه المعطيات الحاجة إلى اعتماد بروتوكولات طوارئ واضحة ومعلنة سلفاً للتعامل مع حالات ضعف الإقبال، بدل اللجوء إلى حلول ظرفية. فالإجراءات المعدّة مسبقاً تتيح تحكماً أفضل في مختلف المراحل، مع الحفاظ على متطلبات السلامة والتنظيم.
وتُقاس جودة الاستضافة الرياضية الناجحة ليس فقط بحداثة الملاعب وبنيتها التحتية، بل أيضاً بحسن تدبير السياسات الإدارية المصاحبة. وتُظهر التجربة الحالية أن الرهان الحقيقي يكمن في اعتماد سياسات تذاكر ذكية ومرنة، تضمن التوفيق بين تحفيز الحضور الجماهيري، والانسيابية التنظيمية، واحترام المعايير الأمنية، مع الحفاظ على الخصوصية المميزة لكل بطولة.

تعليقات