هل يعيد حجز 21 طنّاً من الطماطم في كالينينغراد تعريف معايير التصدير؟

تتعرض سمعة المنتجات الزراعية المغربية، وخاصة الطماطم، لاختبار مصداقية حاسم في الأسواق الدولية. ويأتي هذا الاختبار في وقت بالغ الحساسية، إذ تواجه المملكة تحدياً للحفاظ على مكانتها كمنتج ومصدر موثوق.
أعلن مسؤولو الصحة النباتية الروس في مقاطعة كالينينغراد عن حجز شحنة ضخمة من الطماطم المغربية. الشحنة، التي يصل وزنها إلى واحد وعشرين طناً، أظهرت فحوصات مخبرية إصابتها بفيروسات نباتية خطيرة، لتسدل الستار بذلك على فصل جديد من سلسلة الإرجاعات التي طالت الصادرات المغربية.
الفيروسات المكتشفة، وهي «فيروس تجعد وذبول ثمار الطماطم البني» و«فيروس موزاييك البيبينو»، لا تمثل خطراً عابراً. فهي مُدرجة ضمن قوائم الآفات الحجرية الأشد صرامة، نظراً لقدرتها على إلحاق أضرار كارثية بالمحاصيل الزراعية في الدول المستوردة، وهو ما يفسر تشدد السلطات الروسية في تطبيق إجراءات العزل.
هذه الحلقة ليست سوى الرابعة في سلسلة متتالية من حوادث الرفض والحجز خلال فترة زمنية محدودة. هذا التكرار يحول الحادثة من «خطأ تقني معزول» إلى «نمط مقلق» يشير إلى خلل هيكلي، ويثير علامات استفهام كبيرة حول متانة منظومة المراقبة الداخلية برمتها.
يتعلق الخلل المحتمل بمراحل عدة، تبدأ من مصدر البذور وجودتها، وتمر بظروف الزراعة داخل البيوت البلاستيكية، وتنتهي بمرحلة التعبئة والفحص ما قبل التصدير. يبدو أن ثمة فجوة في تطبيق البروتوكولات الدولية للسلامة النباتية، مما يسمح بمرور منتجات مصابة عبر الحدود.
تتجاوز تبعات هذا الحادث الخسائر التجارية المباشرة للشحنة المحجوزة، لتصل إلى قلب السمعة التجارية للمغرب. فشعار «الجودة المغربية»، الذي بُنِيَ على مدى عقود، أصبح تحت وطأة التآكل، مع ما يعنيه ذلك من تراجع الثقة، وقد يمتد إلى أسواق أخرى في أوروبا وأفريقيا.
يطرح الحدث أيضاً سؤالاً مزعجاً على الصعيد المحلي: إذا كانت الشحنات المصدرة تخضع لفحص دقيق فقط عند وصولها، فما مصير المنتجات التي تُباع داخل السوق المحلية؟ هل يخضع المستهلك المغربي لمعايير رقابية أقل صرامة، مما قد يعرض صحته لمخاطر غير مرئية؟
يدفع الثمن الأكبر في هذه المعادلة الفلاح الصغير والمزارع، الذي يخسر محصوله وقيمته السوقية بسبب أخطاء قد تكون وقعت خارج نطاق سيطرته. بينما يبدو غياب المساءلة الواضحة عن الإخفاقات المتكررة عاملاً يزيد من تعقيد الأزمة وتعميق خسائرها.
تشكل هذه الواقعة إنذاراً نهائياً لا يمكن تجاهله، فهي إشارة واضحة من السوق الدولية بأن التساهل في معايير الجودة والسلامة لم يعد مقبولاً، وأن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدي إلى عزلة تدريجية للصادرات الزراعية المغربية.
المستقبل يرسم خيارين لا ثالث لهما: إما نهوض عاجل وشامل يعيد هيكلة سلسلة الإنتاج والمراقبة، مع وضع الصحة النباتية والسلامة في صلب الأولويات، أو المخاطرة بفقدان مكتسبات استراتيجية وتاريخية في مجال التصدير الزراعي. القرار الآن بين الإصلاح الجذري أو التراجع الحتمي.

تعليقات