فحوصات روسيا تكشف «فيروسين خطيرين» في الطماطم المغربية

بينما تتلقى الطماطم المغربية شهادة صحية للتصدير، ترفضها مختبرات الجهة المستوردة في حادثة تضع علامات استفهام كبيرة حول مصداقية أنظمتنا الرقابية المحلية. المشهد المتكرر كشفته فحوصات السلطات الروسية، التي رصدت فيروسين خطيرين في شحنة طماطم مغربية متجهة إلى منطقة كالينينغراد.
تعود تفاصيل الحادثة ليومي 16 و17 و18 من الشهر الحالي، عندما أجرت هيئة الرقابة الروسية «روسيلخوزنادزور» فحوصات روتينية على شحنة مختلطة تزن 21.4 طناً من الخضروات الطازجة. أظهرت عينات الطماطم المغربية نتائج صادمة، حيث ثبت إصابتها بكل من «فيروس تبرقش الطماطم البني» و«فيروس موزاييك البيبينو».
لا يصنف الفيروسان ضمن الأمراض العادية، بل يدخلان في قائمة الكائنات ذات الحجر الصحي الصارم في روسيا. تكمن خطورتهما في قدرتهما التدميرية للمحاصيل، خاصة في البيوت المحمية حيث ينتشران بسرعة عبر البذور الملوثة أو بمجرد اللمس، ما قد يتسبب في إتلاف معظم الإنتاج.
جاءت الاستجابة الروسية حازمة وسريعة؛ بإغلاق الحدود أمام الشحنة الملوثة بشكل نهائي، ومنع وصولها إلى الأسواق المحلية. يهدف هذا الإجراء الاحترازي القوي إلى حماية القطاع الزراعي الروسي من خطر وبائي قد يكلفه خسائر فادحة.
يطرح السؤال الأكثر إلحاحاً نفسه هنا: كيف تمكنت هذه الشحنة المصابة من عبور كل حواجز الرقابة المحلية والخروج من المغرب؟ تقع المسؤولية الأولى على عاتق المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية «أونسا»، الهيئة المخولة قانوناً بمنح الشهادات الصحية للصادرات الزراعية.
ليست الحادثة الأولى من نوعها، بل هي حلقة في سلسلة من الرفض الروسي للفواكه والخضروات المغربية خلال العام الحالي. يشير هذا التكرار إلى خلل منهجي، وليس مجرد خطأ عرضي في عملية تفتيش واحدة. ما يضع «أونسا» في موقف محرج، حيث تبدو معايير الفحص الداخلي غير متماشية مع المعايير الدولية المطبقة عند التصدير.
للمواطن المغربي الحق في التساؤل: إذا كانت الفحوصات المشددة على الحدود الخارجية تكشف مثل هذه الإصابات الخطيرة، فما مدى فاعلية الرقابة على المنتجات المعروضة في أسواقنا المحلية؟ وهل تُطبق نفس المعايير الصحية الصارمة على الخضروات التي نستهلكها يومياً؟
يزيد غياب الشفافية من جانب «أونسا» حول تفاصيل هذه الحوادث وإجراءات المتابعة مع المصدرين، من حدة القلق. يريد المواطن معرفة الإجراءات التأديبية التي ستتخذ ضد المتسببين، والخطوات الوقائية لضمان عدم تكرار هذه السقطات.
لا يقف الخطر الحقيقي عند حدود الخسائر التجارية أو السمعة الدولية، بل يتعداها إلى تهديد صحة النباتات في المغرب نفسه. قد يكون انتشار مثل هذه الفيروسات في الحقول المحلية كارثياً على الزراعة الوطنية، وهو سيناريو يجب أن تتحرك «أونسا» بكل حزم لمنعه.
تتطلب الثقة في جودة منتجاتنا الزراعية أكثر من مجرد خطابات إعلامية. تحتاج إلى إصلاح حقيقي لمنظومة الرقابة، وجعل الشفافية والمحاسبة شعاراً لعمل المؤسسات المعنية. عندها فقط يمكن الاطمئنان إلى أن ما يصل إلى موائدنا، أو يصدر إلى أسواق العالم، يستحق الثقة فعلاً.

تعليقات