آخر الأخبار

«لي فرّط يكرط».. أزيد من ألف عقوبة تأديبية في صفوف الشرطة خلال سنة 2025

أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني عن معالجة آلاف الملفات التأديبية في صفوف أفراد الشرطة خلال العام الجاري، في خطوة تروم ترسيخ الانضباط الوظيفي داخل الجهاز الأمني. غير أن هذه المعطيات تفتح، في المقابل، نقاشاً أوسع حول فاعلية وكفاية الآليات الرقابية المعتمدة في تتبع أداء من يتحملون مسؤولية حماية المواطنين وتطبيق القانون.

وأفادت الحصيلة الرسمية بأن الجهاز الأمني باشر إجراءات تأديبية وُصفت بالصارمة، أفضت إلى معالجة 7270 ملفاً إدارياً وتوقيع 1019 عقوبة تأديبية، بما يعكس، وفق المؤسسة، حرصاً على محاسبة المخالفين. غير أن هذه الأرقام، في حد ذاتها، تثير تساؤلاً جوهرياً حول مدى شمولية وصرامة هذه الرقابة، خاصة في ما يتعلق بحالات تجاوز السلطة التي قد تمس حقوق المواطنين.

ويُلاحظ أن المنحى التأديبي يسير بالتوازي مع جهود تحسين الالتزام الداخلي، إذ سُجّل تراجع في عدد الموظفين المشمولين بالأبحاث الإدارية بنسبة 8.5 في المائة، ليستقر عند 1747 موظفاً. ورغم أن هذا المؤشر قد يُقرأ بوصفه تطوراً إيجابياً، إلا أن السؤال المطروح يظل مرتبطاً بمدى قدرة أدوات المراقبة الحالية على رصد جميع الانحرافات، أو ما إذا كان بعضها يظل خارج نطاق التقارير الرسمية.

ويبرز في هذه الحصيلة أيضاً تفعيل آلية التظلم، حيث أدت توصيات اللجنة المركزية المختصة إلى مراجعة أو إلغاء 31 في المائة من العقوبات المتخذة. ويعكس هذا المعطى توجهاً نحو تحقيق قدر من الإنصاف، لكنه يسلّط الضوء، في الوقت ذاته، على أهمية توسيع دوائر الرقابة المستقلة أو المجتمعية على أداء الأجهزة الأمنية، بما يضمن ألا تظل المحاسبة محصورة في المخالفات الإدارية الداخلية فقط.

ولا تُغفل المعطيات الرسمية الإشارة إلى الجهود المبذولة في دعم المسار الوظيفي وتوفير المساعدة القانونية لأكثر من 2600 موظف شرطة، في مسعى لإرساء توازن بين الحقوق والواجبات داخل المؤسسة. ومع ذلك، تظل الحاجة قائمة لتعزيز الشفافية وتطوير آليات الرقابة الخارجية، بما يكفل أن يكون الانضباط الوظيفي متلازماً مع احترام حقوق الإنسان وصون كرامة المواطن.

ويظل الرهان الأساسي معقوداً على إرساء منظومة رقابية متكاملة تجعل من المحاسبة ممارسة راسخة لا تقتصر على الإجراءات الداخلية أو الأرقام الإحصائية، بل تمتد إلى ترسيخ الثقة العامة في جهاز يُفترض أن يجسّد سلطة القانون ويخضع، بدوره، لأعلى معايير المساءلة والانضباط.

المقال التالي