الشقوري لـ«مغرب تايمز»: السلطات والمنتخبون يتحملون المسؤولية المباشرة

بينما لا تزال عمليات البحث عن المفقودين مستمرة وسط الطين والحطام، تتحول أنظار الرأي العام من هول الصدمة إلى سؤال مركزي: هل كانت كارثة آسفي قدراً محتوماً أم نتيجة سلسلة من الإخفاقات البشرية والتراخي المؤسسي؟ شهادات محلية تكشف خلفيات مروعة.
في شهادته، يصف عبد الرحمان الشقوري، الكاتب المحلي لفيدرالية اليسار الديمقراطي، الوضع بأنه «انهيار منظومي». ويشير في تصريح لـ«مغرب تايمز» إلى أن أزمة الصرف الصحي في المدينة العتيقة ليست طارئة، بل هي وليدة عقود من التجميد. «فالقنوات الرئيسية التي شُيدت في عهد الاستعمار بقيت دون تطوير يذكر، وتحولت مع الوقت إلى متاحف للإهمال، مكتظة بكل أنواع النفايات والردم».
ويكشف تفصيلاً دامغاً: «القناة الرئيسية في «باب الشعبة»، التي كان من المفترض أن تكون شريان النجاة، كانت مسدودة بشكل كامل قبل أيام من الكارثة». ويضيف: «لم تتحرك أي جهة لتنظيفها، رغم أن سكان الحي كانوا يشكون من روائحها وانتشار الحشرات منذ أشهر، في مؤشر واضح على غياب أبسط أشكال المتابعة البلدية».
سؤال الإنذار المبكر يطفو على السطح بقوة. فحسب المصدر نفسه، كانت النشرات الجوية الرسمية حاضرة وقوية، وتحدثت بوضوح عن منخفض جوي عميق وأمطار رعدية غزيرة. لكن هذه المعطيات العلمية «لم تترجم على الأرض إلى خطة إخلاء استباقية، أو حتى حملة توعية مكثفة عبر مكبرات المساجد أو وسائل التواصل المحلية لتحذير السكان في المناطق المنخفضة والأحياء العشوائية المحاذية للمجاري المائية».
المفارقة الأكثر إيلاماً تكمن في وجود حلول ورقية لم تُنفذ. يذكر الشقوري «مخطط حماية المدينة العتيقة من الفيضانات» الذي رُصدت له اعتمادات مالية منذ سنوات، لكنه «ظل يراوح مكانه بين أدراج المجلس البلدي والإقليمي». بل إن بعض الأعمال التي نُفذت، مثل مشروع التهيئة السياحية حول «قصر البحر»، اعتمدت على حجارة ضخمة غير مناسبة، «وساهمت -ولو غير مقصودة- في تغيير مسارات التصريف الطبيعية وعرقلتها».
تتوزع المسؤولية، حسب التحليل المحلي، على عدة مستويات. فالمجلس البلدي يتقاسمها مع المجلس الإقليمي فيما يتعلق بالتخطيط العمراني الفاشل وإهمال الصيانة الدورية، بينما «تقع مسؤولية التنسيق والإنذار والتدخل السريع على عاتق العمالة والسلطات المحلية». ولا تُعفى مصالح التجهيز من اللوم، بسبب تقصيرها في مراقبة جودة الأشغال والبنى التحتية التابعة لها.
الخيط المشترك في هذه الرواية هو «الترقيع» كمنهج إداري. فبدلاً من معالجة المشكل من جذوره، كانت الحلول دائماً مؤقتة وسطحية، «تُنفذ في الأماكن الأكثر وضوحاً بينما تُهمل الأحياء الفقيرة والأزقة النائية». هذا النهج قصير النظر هو ما حوّل أمطاراً، كانت يمكن أن تكون نعمة بعد سنوات الجفاف، إلى طوفان أزال الأرواح والممتلكات وكشف هشاشة بنى تحتية يفترض أنها خط الدفاع الأول لحماية المواطنين.

تعليقات