أنبوب الغاز المغاربي- الأوربي يعود إلى الواجهة مع تغير موازين ملف الصحراء المغربية

كشفت مصادر إعلامية أن مدريد تراهن بشكل متزايد على دور الوساطة الأمريكية بين المغرب والجزائر، في ظل التحولات الدولية الأخيرة المرتبطة بملف الصحراء المغربية، والتي تسير في اتجاه إطلاق مفاوضات تستند إلى مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب.
وبحسب هذه المصادر، فإن الأجواء الإقليمية والدولية تشهد تغيرا ملحوظا، ما يفتح المجال أمام تفاهمات جديدة قد تقود إلى اتفاقات إقليمية أوسع، من بينها احتمال استئناف تشغيل أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي الذي يمر عبر الأراضي المغربية نحو إسبانيا.
وترى الأوساط نفسها أن إسبانيا تشعر بقدر من الارتياح عقب تبني مجلس لمقترح الحكم الذاتي كأرضية واقعية للتفاوض حول نزاع الصحراء، وهو تطور تعتبره مدريد عاملا مخففا للضغط الذي ظل هذا الملف يشكله على علاقاتها مع الجزائر، خاصة بعد دخوله دينامية غربية واضحة تحظى بدعم الإدارة الأمريكية، دون اعتراض من روسيا أو الصين.
وفي هذا السياق، تراهن الحكومة الإسبانية، وفق المصادر ذاتها، على تحقيق هدفين أساسيين؛ أولهما تحسين العلاقات مع الجزائر واستعادة موقعها الاقتصادي داخل هذا البلد المغاربي، وثانيهما إحياء مشروع أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، الذي يربط الجزائر بإسبانيا عبر المغرب.
وكان هذا الأنبوب قد توقف عن العمل سنة 2021، على خلفية الأزمة السياسية الحادة بين المغرب والجزائر، والتي انتهت بقطيعة دبلوماسية وعدم تجديد اتفاقية تشغيل الأنبوب. ويرجح متابعون أنه في حال نجاح الوساطة الأمريكية وعودة العلاقات بين الرباط والجزائر، سيتم الشروع سريعا في التحضيرات التقنية والدبلوماسية لإعادة تشغيله، لاسيما في ظل سعي أوروبا إلى تقليص اعتمادها على الغاز الروسي خلال السنوات المقبلة.
وعرفت العلاقات الإسبانية الجزائرية في الآونة الأخيرة مؤشرات على عودة الحوار، خاصة بعد اللقاء الذي جمع وزيري خارجية البلدين، أحمد عطاف ومانويل ألباريس، في جوهانسبورغ يوم 22 نونبر الماضي، على هامش قمة مجموعة العشرين.
كما تحدثت تقارير إعلامية إسبانية عن ترتيبات دبلوماسية لزيارة مرتقبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى مدريد خلال شهر دجنبر الجاري، في أعقاب الاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، وما حمله من رسائل سياسية عززت الشراكة الإستراتيجية بين الرباط ومدريد.
وفي السياق ذاته، أشارت مصادر متطابقة إلى أن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز كان يستعد لاستقبال تبون، في إطار مسعى حكومته للحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها مع كل من الجزائر والمغرب، في ظل التطورات المتسارعة المرتبطة بملف الصحراء المغربية.
كما تم تداول معطيات تفيد بتوجه الحكومة الإسبانية إلى المصادقة على تعيين راميرو فرنانديز باتشييير سفيرا جديدا لدى الجزائر، خلفا لفرناندو موران كالفو-سوتيلو، تمهيدا للإعلان الرسمي عن الزيارة المحتملة، والتي كانت ستشكل أول زيارة للرئيس الجزائري إلى إسبانيا منذ توليه الرئاسة سنة 2019.
غير أن هذه المعطيات سرعان ما قابلتها تسريبات إعلامية جزائرية تحدثت عن قرار إلغاء الزيارة المرتقبة، بسبب الموقف الإسباني الداعم للمغرب وتعاطي مدريد مع الدبلوماسية المغربية.
وأشارت هذه المصادر إلى أن الزيارة الحكومية المغربية الأخيرة إلى إسبانيا، وما أعقبها من بلاغ مشترك أبرز تقاربا واضحا بين البلدين، أثرت بشكل مباشر على موقف الجزائر، معتبرة أن البيان عكس انتصارا صريحا للطرح المغربي، وأعاد التأكيد على دعم إسبانيا لمقترح الحكم الذاتي ولقرار مجلس الأمن رقم 2797.
ويؤكد هذا القرار، الذي صادق عليه مجلس الأمن في 31 أكتوبر 2025، أن حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية يشكل الحل الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق لتسوية النزاع حول الصحراء المغربية، وهو الموقف الذي جددت إسبانيا الإشادة به عقب أشغال الدورة الثالثة عشرة للاجتماع رفيع المستوى المغربي الإسباني، المنعقد بمدريد في الرابع من دجنبر 2025.

تعليقات