آخر الأخبار

فوضى التسيير ونظام جديد يدفع كفاءات وكالة الأدوية إلى المغادرة

تعيش الوكالة الوطنية للأدوية والمنتجات الصحية، منذ أشهر، على وقع أزمة حادة في الموارد البشرية، أعقبت تحويل مديرية الأدوية والصيدلة التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى وكالة مستقلة بنظام إداري جديد.

وقد مُنح الموظفون مهلة ستة أشهر للاختيار بين الالتحاق النهائي بالوكالة أو العودة إلى الوزارة الأصلية، وهي المهلة التي انتهت يوم الجمعة 30 نونبر الماضي. وبعد انقضائها، تقدم أزيد من 80 في المائة من العاملين بطلبات إنهاء الإلحاق، ما يفوق 200 موظف وموظفة، وفق ما أفاد به مصدر مهني.

هذا الانسحاب الجماعي خلّف فراغاً كبيراً داخل الوكالة، خاصة على مستوى الكفاءات التي راكمت سنوات من الخبرة في مجالات حساسة، من بينها مراقبة جودة الأدوية، والتحاليل المخبرية، ومنح رخص التسويق، واليقظة الدوائية.

وبحسب المصدر ذاته، فقد رافق انطلاق العمل بالنظام الإداري الجديد نوع من الارتجال في التدبير، تجلّى في تنظيم مباريات توظيف بشكل مفاجئ وسريع، مع تعيين أطر محدودة الخبرة في مناصب استراتيجية، مقابل تهميش كفاءات داخلية كانت مرشحة لتحمل المسؤولية. كما تم إعفاء بعض المعينين بعد فترة وجيزة دون تقديم توضيحات، ما زاد من حالة الارتباك وعدم الاستقرار.

كما تفاجأ الموظفون، بعد الاطلاع على النظام الأساسي الجديد، بفقدانهم صفة “الموظف العمومي” وتحولهم إلى “مستخدمين نظاميين”، رغم تقديم الوكالة كمؤسسة عمومية، إضافة إلى تغييرات طالت نظام المعاشات مقارنة بما كان معمولاً به سابقاً.

وفي ما يتعلق بنظام التأديب، أصبح بالإمكان توقيف الأجرة بعد توبيخين، وإنهاء الخدمة بعد التوبيخ الثالث، وهو ما اعتبره المصدر تقارباً مع آليات القطاع الخاص، في غياب أي جلسات تواصل أو توضيح مع المستخدمين.

ويُعد المختبر الوطني لمراقبة الأدوية ركناً أساسياً في المنظومة الدوائية بالمغرب، غير أن هذا النزيف البشري، بحسب المصدر، يهدد بشكل فعلي مستقبل مراقبة الأدوية، بالنظر إلى صعوبة تعويض الخبرات التقنية التي تتطلب سنوات من التكوين والتجربة.

وأمام هذا الوضع، تثار تساؤلات جدية حول قدرة الوكالة الوطنية للأدوية والمنتجات الصحية على الاضطلاع بمهامها الأساسية في ظل الخصاص الكبير في الموارد البشرية، واستمرار غياب الحوار الواضح بين الإدارة والعاملين، بما قد ينعكس سلباً على سلامة الأدوية والصحة العامة بالمغرب.

المقال التالي