آخر الأخبار

تقرير يحذر: ضعف منظومة الإسعاف يرفع عدد الضحايا ويُضيّع «الساعة الذهبية» للنجاة

يكشف تقرير حقوقي صادر اليوم عن صورة قاتمة لواقع منظومة الإسعاف الطبي في المغرب، حيث تُسجَّل اختلالات بنيوية حادة ترفع من أعداد الوفيات التي كان بالإمكان تفاديها. وتؤدي هذه الاختلالات إلى إهدار الدقائق الذهبية الحاسمة لإنقاذ الأرواح.

ونُشر التقرير الصادر عن «الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة»، متضمناً معطيات صادمة حول تداعيات الأزمة. وسجّل ارتفاعاً لافتاً في وفيات حوادث السير خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، بلغ 2922 حالة، بنسبة زيادة 23.8 في المئة مقارنة بالعام الماضي.

ويؤكد التقرير أن غياب نظام إسعاف طارئ وطني موحد وفعّال يُعد سبباً مركزياً في تفاقم هذه المؤشرات. وتأتي أمراض القلب والشرايين في صدارة أسباب الوفيات بنسبة 23.4 في المئة، بما فيها 252 ألف حالة وفاة مرتبطة بارتفاع ضغط الدم.

وأوضح التقرير، الذي حمل عنوان «ضعف منظومة الإسعاف الطارئ في المغرب وتداعياتها على الأرواح البشرية»، أن الضعف البنيوي في خدمات المستعجلات المتنقلة يُهدر «الفرصة الذهبية» للتدخل العاجل. وتُعد الدقائق الأولى بعد وقوع أي حادث، سواء كان مرورياً أو صحياً، عاملاً حاسماً في تحديد مصير المصاب.

وأشار التقرير إلى أن حالات الطوارئ الحرجة، مثل الأزمات القلبية والسكتات الدماغية وضيق التنفس، تتطلب استجابة طبية فورية. ولفت إلى أن الاعتماد على وسائل سريعة كالإخلاء الطبي الجوي يُعد ضرورياً في المناطق البعيدة، لكنه ما يزال محدود التوفر.

وعلى مستوى التجربة الرسمية، كشف التقرير أن نظام «المساعدة الطبية المستعجلة» المعروف بـ«SAMU» ظل تجربة محصورة في بعض المدن الكبرى، مع تفاوتات كبيرة في جودة الخدمات ونقص واضح في الموارد، إضافة إلى توقف العمل به في مراكز استشفائية جامعية رئيسية بالرباط والدار البيضاء.

ويُعد تهالك أسطول سيارات الإسعاف أحد أبرز مظاهر الأزمة، إذ يُقدَّر عددها بنحو 620 سيارة تعاني من التقادم والأعطاب المستمرة. كما أن 90 في المئة من سيارات الإسعاف الحديثة التي جرى اقتناؤها عام 2015 بميزانية مهمة بقيت غير مستغلة، ما يكشف عمق الخلل التدبيري.

ومن بين الاختلالات الهيكلية التي رصدها التقرير: ضعف التنسيق بين مختلف المتدخلين، والنقص الحاد في الأطر الطبية والمتخصصة، والتفاوت الكبير في توزيع خدمات الإسعاف بين المدن والقرى. كما لا يزال الإطار القانوني المنظّم للنقل الصحي يعتمد على منشور وزاري يعود إلى عام 1956.

وقدّم التقرير سلسلة توصيات عاجلة، داعياً إلى إقرار قانون إطار موحّد لمنظومة الإسعاف، وإنشاء مركز وطني موحد لاستقبال النداءات بتقنيات حديثة، إلى جانب تحديث الأسطول واعتماد معيار سيارة إسعاف واحدة لكل 10 آلاف نسمة، وإدراج خدمة الإسعاف ضمن التغطية الصحية الأساسية.

المقال التالي