آخر الأخبار

فضيحة سماسرة المحاكم: بارونات المخدرات يستفيدون من أحكام مخففة مقابل رشاو

باشرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقات معمقة في فضيحة سماسرة المحاكم التي شملت مدن الجديدة وسيدي بنور وآسفي، وأسفرت هذه التحقيقات عن توقيف عشرات الأشخاص المتورطين في السمسرة والوساطة للحصول على أحكام قضائية لصالح بعض الأطراف مقابل مبالغ مالية ضخمة.

وحسب يومية الصباح، فقد ركزت التحقيقات على استفادة عدد من بارونات المخدرات من أحكام مخففة، خاصة في المرحلة الاستئنافية، بعد أن تم التنسيق بين وسطاء موجودين حاليا في حالة اعتقال مع مسؤولين قضائيين لتنفيذ عمليات التوسط مقابل رشاو مالية بالملايين.

وتعد إحدى القضايا المثيرة للجدل التي تابعتها الفرقة الوطنية، استفادة بارون مشهور اعتقل رفقة شقيقه ومساعديه من أحكام مخففة في الاستئناف، بعد أن صدرت في حقهم أحكام ابتدائية بالسجن ست سنوات نافذة بتهمة الاتجار في المخدرات وحيازة أسلحة نارية دون سند قانوني. وبدأت التفاصيل عندما اعترض شقيق البارون على الحكم الابتدائي واعتبره شديدا، فاتصل بوسيط محاكم معروف بعلاقاته مع مسؤولين قضائيين وموظفين بالمحاكم، ومتابع في حالة اعتقال حاليا، للتوسط لتخفيف العقوبة مقابل مبالغ مالية، بناء على توجيهات شقيقه البارون من داخل السجن.

وقد طلب شقيق البارون من الوسيط التدخل لدى المسؤول القضائي لتخفيف الحكم الابتدائي، فوافق الأخير، مستغلا علاقاته مع أحد المسؤولين القضائيين، وطالبه بمراجعة الحكم مع تحديد قيمة الرشوة لاحقا. وبعد أيام، أخبر الوسيط شقيق البارون أن المسؤول القضائي سيحدد موعدا للقاء في الدار البيضاء، وخلال الاجتماع اقترح المسؤول 20 مليون درهم لتخفيف الحكم، وتم الاتفاق بعد مفاوضات على مبلغ 12 مليون درهم، مع تحديد العقوبة النهائية للبارون بثلاث سنوات ونصف حبسا نافذا، وثلاث سنوات لشقيقه والمساعدين.

قام شقيق البارون بزيارة الأخير في السجن لإطلاعه على مضمون الاتفاق، وحدد له مكان الأموال التي حصل عليها من عائدات المخدرات، وسلمها للوسيط داخل كيس بلاستيكي، وبعد أيام، صدرت الأحكام الاستئنافية التي خفضت العقوبات كما تم الاتفاق عليها.

وفي ملف آخر، واجه بارون مخدرات أزمة كبيرة بعد صدور أحكام حبسية في أربعة ملفات مختلفة، شملت أحكاما بالسجن ست سنوات، وسنتين، وسنة واحدة، و10 أشهر. وللتخفيف من هذه الأحكام، اتصل البارون بقريب له لإيجاد حل، فقُدم له وسطاء محاكم مشهورون، متابعون بدورهم في حالة اعتقال بعد تفجر الفضيحة، ليتواصلوا مع مسؤول قضائي لتخفيف العقوبات في المرحلة الاستئنافية؛ وقد طلب المسؤول مبالغ مالية متفاوتة لكل ملف، إذ تم تحديد ستة ملايين درهم لتخفيف عقوبة الست سنوات إلى ثلاث، ومليونين لتخفيف عقوبة السنتين إلى سنة، ومليونين لتأييد العقوبة المقررة في الملفات الأخرى، ليصبح مجموع المبالغ المستحقة 10 ملايين درهم. وسلمت هذه المبالغ للوسيط داخل كيس بلاستيكي، وتم إصدار الأحكام الاستئنافية المخففة لاحقا وفق الاتفاق.

وتوضح هذه التحقيقات تورط شبكات منظمة من السماسرة والمسؤولين القضائيين، وكيفية تسييرهم لعمليات الوساطة والرشاوى المالية لتخفيف العقوبات، ما يثير جدلا واسعا حول نزاهة واستقلالية منظومة العدالة، ويكشف الثغرات التي تستغل في استصدار أحكام قضائية مخففة لصالح متورطين في قضايا خطيرة مثل تهريب المخدرات والجرائم المصاحبة لها.

المقال التالي