فضيحة جديدة بالمستشفى الجامعي أكادير بعد تسريب عقود عمل وصفت بالمذلة

منذ افتتاح المستشفى الجامعي محمد السادس بمدينة أكادير خلال الشهر المنصرم، ارتفعت آمال ساكنة جهة سوس ماسة في رؤية مؤسسة صحية حديثة تواكب حاجيات المرضى وتخفف الضغط عن باقي المراكز الاستشفائية بالمنطقة، خصوصا وأن افتتاحه جاء بأوامر ملكية؛ غير أن هذه الآمال سرعان ما اصطدمت بواقع مختلف بعدما بدأت تتوالى سلسلة من المشاكل التي كشفت أن البناية والتجهيزات وحدها لا تكفي لضمان خدمة صحية في المستوى.
فبعد أيام قليلة على انطلاق العمل، تفجرت فضيحة تعطل جهاز سكانير، ثم توالت شكايات مواطنين أكدوا أنهم طلب منهم إجراء تحاليل خارج أسوار المستشفى رغم توفر البنية المناسبة. وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه أن يسارع المسؤولون إلى معالجة هذه الاختلالات التقنية، ظهرت فضيحة جديدة أكثر خطورة تتعلق بالعنصر البشري الذي يشكل أساس العملية الصحية.
الفضيحة انفجرت عقب تسريب عقد عمل يخص مساعدي المعالجين، وهو عقد يكشف بشكل صادم عن شروط لا علاقة لها ببيئة عمل داخل مؤسسة جامعية يفترض أن تكون نموذجا في احترام مدونة الشغل. فالعقد، الذي أبرمته شركة خاصة (مقرها في مدينة الناظور) مكلفة بتدبير العمال لفائدة المستشفى، يتضمن بنودا تضع المستخدم في وضع هش يجعل من حقوقه المهنية مجرد امتياز قابل للسحب في أي لحظة.
من بين البنود المثيرة للجدل، إمكانية تنقيل الأجير إلى أي مدينة في المغرب داخل أجل لا يتجاوز 48 ساعة، واعتبار رفضه لهذا القرار مغادرة طوعية دون أي تعويض. كما يخول العقد للمشغل الحق في فسخه بشكل فوري دون سابق إنذار ودون أي تعويض، ويجعل العامل ملزما بالاشتغال طيلة أيام الأسبوع مع يوم عطلة واحد فقط، مع إمكانية تخفيض عدد أيام العمل حسب رغبة الزبون وما يرافق ذلك من تخفيض مباشر للأجر.
ويتضمن العقد أيضا شروطا لا تستند إلى أي أساس قانوني، مثل إلزامية الإدلاء بشهادة حسن السيرة، ونسخ متعددة من الشهادات، ورخصة السياقة، إضافة إلى التنصيص على أن المحكمة المختصة في أي نزاع هي محكمة الناظور، رغم أن العمال يزاولون مهامهم في أكادير، وهو ما يصعب أي عملية لجوء للقضاء بالنسبة لهم.
وحسب تصريح إحدى العاملات لموقع مغرب تايمز، فإن معاملة المسؤولـة المباشرة للعمال تتسم بسوء كبير ولا تراعي ظروفهم داخل الورش كما أن الأجرة الخاصة بالشهر المنصرم توصل بها العمال غير مكتملة بينما أكد بعضهم أنهم لم يتوصلوا بها نهائيا مما زاد من حالة الاحتقان داخل صفوفهم.
مثل هذه العقود تطرح أسئلة عميقة حول مستقبل القطاع الصحي بالجهة. فكيف يمكن تحسين جودة الخدمات ومحاربة الرشوة والاختلالات داخل المستشفى إذا كان العامل نفسه يعيش في وضع هش ويخشى فقدان مصدر رزقه لأبسط الأسباب؟ وكيف يمكن ضمان سلامة المرضى إذا كان العنصر البشري يشتغل تحت الضغط والخوف وفي ظروف لا تضمن كرامته ولا استقراره المهني؟ من غير الممكن بناء منظومة صحية فعالة بالاعتماد فقط على تجهيزات حديثة وبنايات متطورة، في حين يتم تجاهل قيمة العامل البشري والظروف التي يحتاجها لتأدية مهامه بشكل مهني وإنساني.
إن تسريب هذا العقد يجب أن يكون ناقوس خطر يدفع المسؤولين إلى فتح تحقيق جدي حول طريقة تدبير الموارد البشرية داخل المستشفى الجامعي أكادير، وإعادة النظر في العقود التي تبرم مع الشركات الوسيطة، لأن استمرار الوضع بهذه الطريقة لن يؤدي إلا إلى المزيد من الفوضى وتراجع ثقة المواطنين في مؤسسة كان يُنتظر منها الكثير لخدمة صحة سكان جهة سوس ماسة.

تعليقات