الإبراهيمي لـمغرب تايمز : أرقام الحكومة حول التغطية الصحية «غير دقيقة» وتخفي اختلالات عميقة

عاد ملف التغطية الصحية لطلبة الجامعة ومعاهد التكوين المهني إلى واجهة النقاش السياسي والاجتماعي في المغرب، وسط انتقادات حادة لطريقة تدبير ورش الحماية الاجتماعية، وتساؤلات حول مدى انسجام الواقع الميداني مع الوعود الرسمية التي قدّمت هذا الورش باعتباره تحولا اجتماعيا تاريخيا.
في هذا السياق، قال النائب البرلماني عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، مصطفى الإبراهيمي، في تصريح لـ«مغرب تايمز»، إن الحصيلة الحالية «لا تعكس الخطاب الرسمي المطمئن» حول هذا الورش، مشددا على وجود «اختلالات كبيرة» تهدد الأهداف الاجتماعية المعلنة، سواء في ما يتعلق بالتغطية الصحية أو بالتعويضات العائلية وأنظمة التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل.
الإبراهيمي توقّف عند تعثّر تفعيل التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بالوتيرة والزمن اللذين أُعلنا في بداية المشروع، مشيرا إلى أن «ملايين المواطنين ما زالوا خارج التغطية الصحية، إما بسبب عدم التسجيل أو بسبب ما يعرف بالحقوق المغلقة». كما نبّه إلى أن التعويضات العائلية لم تشمل بعد كل الأسر المستهدفة، حيث يظل حوالي مليون ونصف المليون طفل خارج الاستفادة، رغم أن البرنامج صُمّم ليشمل سبعة ملايين طفل، معتبرا أن ذلك «يترجم عجزا واضحا عن الوفاء بالتزامات اجتماعية أساسية».
وعلى مستوى أنظمة التقاعد، ذكّر الإبراهيمي بالهدف المعلن المتمثل في توسيع قاعدة المنخرطين لتشمل خمسة ملايين من النشيطين غير المصرح بهم، خاصة من فئة غير الأجراء، مؤكدا أن هذه الفئة «لم تلمس أثرا ملموسا للإصلاح»، ومتهما الحكومة بـ«غياب الإرادة السياسية والجاهزية التقنية» لبلوغ هذا الهدف خلال ما تبقى من ولايتها. كما سجّل غياب تقدم حقيقي في تعميم التعويض عن فقدان الشغل، رغم تقديمه كأحد الأعمدة الأربعة لورش الحماية الاجتماعية.
وانتقل البرلماني المعارض إلى ورش السجل الاجتماعي الموحد، موضحا أن وتيرة التسجيل «لا تعكس حجم الهشاشة المتزايدة بفعل التضخم». وانتقد اعتماد «المؤشر 9,326» معيارا للاستهداف، معتبرا أن هذا السقف «أقصى ملايين المواطنين من التغطية الصحية» ودفع بهم نحو نظام قائم على الأداء «الشامل» الذي لا يغطي، بحسبه، سوى حوالي 4400 مستفيد ويعاني من عجز مالي منذ انطلاقه. كما عبّر عن استغرابه من «جمع أرقام صادرة عن أنظمة مختلفة للتغطية الصحية في سلة واحدة»، موضحا أن نظام «AMO-TNS» بدأ متأخرا، يليه نظام «AMO-تضامن»، ما يجعل تقديم هذه الأرقام ككتلة واحدة «عرضا غير دقيق للصورة الحقيقية».
وعلى مستوى التمويل، اتهم الإبراهيمي الحكومة بالتركيز على تحصيل الاشتراكات أكثر من معالجة إشكاليات الموارد غير القارة أو ترشيد الدعم العمومي الموجه للقطاع الخاص، معتبرا أن هذا التوجه «يفاقم أزمة المستشفى العمومي ويضعف قدرته على أداء أدواره، في الوقت الذي ينتظر منه أن يكون ركيزة رئيسية لإنجاح ورش الحماية الاجتماعية».
واعتبر الإبراهيمي أن الطلبة يوجدون في قلب هذا التعثّر، موضحا أن «الحكومة حرمت 650 ألف طالب، سواء الذين يتابعون دراستهم بالجامعة أو بالتكوين المهني، من التغطية الصحية المجانية». وشدّد على أن القانون الجديد ينص على إلغاء هذا الحق بالنسبة للطلبة الذين لا يتوفر أولياء أمورهم على تغطية صحية، قائلا: «إذا كان المؤشر طالع غيݣولو سير خلّص واخا تكون طالب»، ومذكّرا بأن الطالب كان يستفيد سابقا من التغطية الصحية مباشرة بعد الإدلاء بشهادة التسجيل، إما عبر انخراط ولي أمره أو بصفته طالبا يتابع دراسته.
كما انتقد ما وصفه بـ«تقديم أرقام منفوخة لإعطاء الانطباع بأن التغطية الصحية الشاملة تحققت»، معتبرا أن هذه الأرقام «غير دقيقة وتخفي اختلالات عميقة» على مستوى جودة الخدمات، واستدامة التمويل، وقدرة الأسر محدودة الدخل على مسايرة كلفة الاشتراكات والأدوية والعلاجات.
ودعا الإبراهيمي إلى اعتماد خطة استعجالية لتدارك التأخر الحاصل في تنفيذ محاور الحماية الاجتماعية كما نص عليها القانون الإطار 21.09 والتوجيهات الملكية، من خلال مراجعة عتبة «المؤشر» المعتمد في الاستهداف، وتحفيز المواطنين على الانخراط في نظام «AMO-TNS»، وضمان استدامة الورش عبر تنويع مصادر التمويل وترشيد النفقات، مع توجيه مزيد من الدعم العمومي نحو تقوية المستشفى العمومي بما يعيد الثقة في قدرة هذا الإصلاح على تحقيق العدالة الاجتماعية.

تعليقات