آخر الأخبار

الحكومة تقبل «72» مقترحاً لـ«مالية 2026» جلها لـ«الباطرونا»

فتحت الحكومة الباب على مصراعيه لمقترحات مجلس المستشارين، بقبولها «72» تعديلاً على مشروع قانون المالية لسنة 2026، في خطوة لافتة تطرح تساؤلات حول أسباب هذا التفوق الواضح مقارنة بما حظيت به تعديلات مجلس النواب.

وجاء ذلك خلال مناقشات المجلس، اليوم الأربعاء، حيث وافقت الحكومة على ما يقرب من ثلث التعديلات المقدمة من الفرق والمجموعات البرلمانية في الغرفة الثانية، البالغ عددها «227» مقترحاً. ويبدو هذا التفوق صارخاً إذا قورن بحصيلة الغرفة الأولى، التي قبلت فيها الحكومة «30» تعديلاً فقط من أصل «350» مقترحاً.

ووفقاً للتقرير الرسمي للجنة المالية، تركزت التعديلات المقبولة في معسكرين رئيسيين: فرق الأغلبية وفريق «الاتحاد العام لمقاولات المغرب»، حيث حصل كل منهما على «31» تعديلاً. بينما توزعت التعديلات المتبقية على الفرق النقابية، وهي: الاتحاد العام للشغالين بالمغرب (4 تعديلات)، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب (تعديـلان)، والاتحاد المغربي للشغل (تعديل واحد). كما قُبل تعديل واحد من الفريق الحركي، وأدرجت الحكومة تعديليْن من طرفها.

أما التعديلات غير المقبولة، فقد بلغ عددها «67» مقترحاً في الجزء الأول من المشروع، في حين سحبت الفرق «85» تعديلاً طوعاً أثناء النقاش البرلماني. ويُذكر أن فريق «الاتحاد العام لمقاولات المغرب» كان الأكثر نشاطاً في تقديم المقترحات بإجمالي «48» تعديلاً.

ويبرز تقرير اللجنة سبباً محتملاً لهذه الديناميكية، مشيراً إلى أن «تنوع تركيبة مجلس المستشارين، بما يضمه من ممثلي الهيئات الاقتصادية والاجتماعية والغرف المهنية والمنتخبين الترابيين، شكّل عامل قوة في النقاش». هذا التنوع يمنح مقترحات المجلس طابعاً تقنياً وعملياً، يجعل من الصعب رفضها على أساس براغماتي بحت.

ولا يقتصر التأثير على الأرقام، بل يشمل طبيعة النقاش ذاته؛ إذ أسهمت هذه التركيبة، وفق التقرير نفسه، في تقديم «مقاربات مختلفة أغنت النقاش المالي والتشريعي». وهذا ما قد يفسر ميل الحكومة للتجاوب مع مقترحات تأتي من خبراء قطاعيين وممثلي مجالس جهوية، يرون تداعيات القوانين على أرض الواقع.

ومن المتوقع أن تُثير هذه النتيجة موجة انتقادات جديدة من مجلس النواب، الذي سبق لأعضائه أن وصفوا تعامل الحكومة مع تعديلاتهم بـ«الاستخفاف». ويخلق هذا المشهد انطباعاً بوجود معايير مختلفة في تقييم المقترحات بين الغرفتين، مما قد يضعف الثقة في العملية التشريعية برمتها.

وعلى الرغم من أن الحكومة تملك الحق الدستوري في قبول أو رفض التعديلات البرلمانية، إلا أن الفجوة الكبيرة بين نسب القبول تضعها في موقف دفاعي. فهي مطالَبة بتقديم تفسير لممثلي الشعب المنتخبين مباشرة، حول سبب تقبّل مقترحات الهيئات المعينة والمنتخبة بطريقة غير مباشرة بوتيرة تفوق بكثير مقترحات النواب أنفسهم.

ختاماً، لا تبدو هذه الحصيلة مجرد صدفة رقمية، بل نتيجة منطقية لطبيعة كل مجلس. فبينما يحمل النواب هموم الناخب وضغوط الشارع، يجلب المستشارون رؤى التقني ورجل الأعمال؛ وهي لغة تبدو الحكومة أكثر استعداداً للإصغاء إليها في الملفات الاقتصادية المصيرية.

المقال التالي