آخر الأخبار

التقرير السنوي لـ«AMDH».. إغلاق 150 مركزاً صحياً يدق ناقوس الخطر ويؤكد انهيار المنظومة الصحية

كشفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تقريرها السنوي الذي تم تقديمه اليوم الجمعة، عن مؤشرات مقلقة تُظهر تدهوراً كبيراً في المنظومة الصحية بالمغرب. وجاء الإعلان عن إغلاق أكثر من 150 مركزاً صحياً في مختلف أنحاء البلاد كأبرز تجليات هذا التردي، مما يهدد الحق الأساسي للمواطنين في الحصول على رعاية صحية لائقة.

وأرجعت الجمعية هذا الوضع المُزرِي إلى اختلالات هيكلية عميقة، يأتي في مقدمتها العجز المالي المُزمن الذي يعاني منه القطاع. حيث لا تزال النسبة المئوية للميزانية المخصصة للصحة محصورة بين 5% و6% فقط من الميزانية العامة للدولة، وهي نسبة تبدو هزيلة إذا ما قورنت بالتوصيات الدولية التي تحث على تخصيص 12% كحد أدنى.

ويمتد تأثير هذا النقص في التمويل إلى مجالات حيوية أخرى، إذ يُلاحظ عجزاً واضحاً في البنية التحتية الصحية وشحاً في الموارد البشرية المؤهلة. وتفتقر العديد من المستشفيات والعيادات إلى أبسط المعدات الطبية والأدوية الضرورية، بينما تعاني من نقص حاد في الأطباء والممرضين والفنيين الإداريين.

ولا يقتصر التفاوت على الجوانب المادية والبشرية فقط، بل يتعداه إلى بُعد مجالي صارخ. حيث تُظهر المعطيات وجود فجوة عميقة في جودة الخدمات الصحية المقدمة بين المناطق الحضرية والمناطق القروية النائية، مما يحرم فئات عريضة من السكان من حقهم في علاج متكافئ وظروف استقبال لائقة.

وأشار التقرير إلى أن هذه الأوضاع تنعكس سلباً على المؤشرات الصحية الوطنية، حيث لا تزال الأمراض المعدية كالسل والتهاب الكبد تتسبب في خسائر بشرية كبيرة. كما تسجل البلاد معدلات مرتفعة في وفيات الأمهات والأطفال، في ظل غياب برامج وقائية فعالة وخدمات طبية استعجالية مُتاحة للجميع.

ولم يغفل التقرير الإشارة إلى معضلة الفساد والإدارة غير الرشيدة التي تنخر كيان المنظومة الصحية. حيث يُلاحظ غياب الشفافية في تدبير الموارد وعدم خضوع المسؤولين للمحاسبة، مما يُفقد المواطن الثقة في المؤسسات الصحية ويُعطل أي جهد حقيقي للإصلاح.

وفي سياق متصل، انتقد التقرير التناقض الواضح بين ما تُعلنه الحكومة من إنجازات في مجال التغطية الصحية وتوسيع البنية التحتية، وبين الواقع الميداني الذي يُظهر استمرار كل هذه الإشكالات. مما يدفع إلى التساؤل حول مصداقية هذه الادعاءات وفعالية البرامج الإصلاحية المعلنة.

ويبقى السؤال المطروح بإلحاح: هل يمكن الحديث عن أي تقدم في مجال الحق في الصحة، بينما تستمر المؤشرات في التسجيل السلبي، وتتزايد المعاناة اليومية للمواطنين عند أبواب المستشفيات والعيادات؟.

يُذكر أن التقرير قد حذر من أن استمرار هذا الوضع ينطوي على مخاطر جسيمة، قد تؤدي إلى انهيار كامل للمنظومة الصحية، داعياً إلى تدخل عاجل وشامل يعيد الاعتبار لقطاع الصحة كأولوية وطنية.

المقال التالي