الوزير برادة يصر على الجدل: خطاب يشكك في المدارس العمومية ويدفع نحو خيارات مكلفة

عاد وزير التربية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة إلى إثارة موجة من الانتقادات الواسعة، بعدما أدلى بتصريحات جديدة خلال لقاء حزبي للتجمع الوطني للاحرار بمدينة ميسور، قدم فيها رواية من مساره الدراسي قائلا إن والده أرسله إلى “بلاد بعيدة” كي يتمكن من الدراسة الجيدة، قبل أن يشرع في تقديم نصائح للأسر بخصوص اختيار مدارس “أفضل” لأبنائها.
هذه الخرجة اعتبرها العديد من الفاعلين التربويين دليلاً إضافياً على أن الوزير لا يفلح في انتقاء تصريحاته، ويواصل تمرير مغالطات تمس المدرسة العمومية وتشكك في قدرتها على أداء دورها.
التصريحات التي قدمها برادة، والتي بدا من خلالها وكأنه يقلل من قيمة المؤسسات العمومية، أعادت النقاش حول الرسائل غير المباشرة التي يوجهها للأسر، إذ رأى مهتمون بالشأن التربوي أنه يدفع نحو خيارات مكلفة لا قدرة لمعظم المغاربة على تحملها، في وقت يفترض أن يكون الخطاب الرسمي حامياً للمدرسة العمومية لا مثيراً للالتباس حولها.
الوزير استحضر جزءاً من سيرته الشخصية أمام الحضور قائلاً: “لأدرس جيداً أرسلني أبي لبلاد بعيدة، ولم يسبق لي قبل ذلك أن خرجت من المنزل”، ثم انتقل لإعطاء نصائح حول ضرورة اختيار مدارس بعيدة إذا كانت توفر تعليماً أفضل، في رسالة فهمت على نطاق واسع بأنها تلميح إلى محدودية جودة التعليم العمومي القريب من الأسر.
وخلال تبريره لنموذج “المدارس الرائدة”، قدم مثالاً لسيدة تقطع يومياً نصف ساعة لإيصال ابنتها إلى مدرسة من هذا النوع، في مقابل أمهات فضّلن مؤسسات قريبة لكنها “غير رائدة”، على حد قوله، ما زاد من حدة الانتقادات التي رأت في حديثه تشجيعاً غير مباشر على مفاضلة تقوم على القدرة المادية والمسافة بدل الحق في تعليم عمومي جيد للجميع.
الوزير وجّه أيضاً خطاباً مباشراً إلى الآباء قائلاً: “ابحثوا عن المدرسة الجماعاتية التي تدرّس جيداً وتابعوا أبناءكم في الأماكن التي فيها الأساتذة الجيدون”، ثم أضاف بأن قرب المؤسسة من البيت لا يجب أن يكون معياراً، متسائلاً: “يمكن تقريب المدرسة من الدوار والجماعة لكن هل سيأتيك الأستاذ الجيد؟”.
وانتهى برادة إلى دعوة الأسر إلى “البحث عن مكان وجود الأستاذ الجيد” باعتباره أهم من أي عامل آخر، في تصريحات اعتبرها مهتمون تكريساً لفكرة نخبوية داخل المنظومة التعليمية، وتجاهلاً لإشكالات أعمق تتعلق بجودة التكوين والموارد البشرية والبنيات التحتية، وهي مسؤوليات تقع في صلب مهام الوزارة نفسها.

تعليقات