“لوديسك” تكشف لـ«مغرب تايمز» معطيات مدوية تفضح جهل المجلس الصحافي بالقانون المهني

يواجه المجلس الوطني للصحافة اليوم عاصفةً من الانتقادات الحادة في أعقاب قراره التأديبي الأخير بحق موقع “لوديسك” الإخباري، حيث أثارت العقوبات المقرَّرة شكوكًا حول نزاهة الإجراءات المتبعة. وجاء القرار بعد أيامٍ فقط من تسريبات مدوية كشفت عن خللٍ في عمل المجلس.
ووصف الموقع الإخباري القرار بأنه «انحراف صارخ عن معايير العدالة»، وذلك بعد أن قضت اللجنة بسحب البطاقة المهنية لأحد صحافييها لمدة ستة أشهر، مع فرض غرامة مالية بلغت ثلاثين ألف درهم. وجاءت هذه الإجراءات عقب شكوى تقدمت بها سيدة تدعي قرابتها من الملك محمد السادس.
وفي هجوم مباشر على إجراءات المحاكمة، قال سفيان السبيطي، رئيس تحرير موقع “لوديسك”، في تصريح لـ”مغرب تايمز”: «بكل صراحة، المحاكمة فقدت مقومات العدالة منذ البداية. قد تظهر الإجراءات قانونية في شكلها، لكن الجوهر يعاني من اختلالات عميقة».
وأضاف السبيطي موضحًا: «المشكلة الأساسية تكمن في أن أعضاء اللجنة التأديبية يفتقرون إلى الخبرة القانونية اللازمة، فكيف يصدرون أحكامًا تمس مستقبل الصحافيين وهم لا يتقنون أبسط القواعد القانونية؟».
وتابع قائلاً: «أكد لنا محامينا أن هذا القرار يفتقر إلى الأسس القانونية السليمة. ومن خلال تحليلنا للتسجيلات المتعلقة بقضية الزميل حميد المهداوي، تبين لنا بوضوح أن أعضاء المجلس يجهلون التفاصيل الدقيقة للقوانين الصحفية، بل وحتى القوانين العامة للبلاد».
كما أشار إلى أن «المشكلة ليست في القوانين نفسها، بل في التطبيق. القاضي الحقيقي يجب أن يكون محايدًا ومتخصصًا، لكننا نرى أحكامًا تصدر بناءً على اعتبارات غير مهنية، كما حدث في قضية المهداوي حيث انحرفت الأحكام عن أصول المحاكمة العادلة».
وشدد السبيطي على أن «الموقف لم يعد يحتمل الصمت، فما يحدث يمثل خطرًا على مستقبل العمل الصحفي في البلاد، ويتطلب تحركًا جادًا من جميع الفاعلين في القطاع للإصلاح».
وتمثل الأمر الأكثر إثارة للجدل في قيام لجنة الأخلاقيات بنقل جلسات الاستماع إلى منزل المشتكية، في خطوة وصفت بأنها خرق واضح للأعراف المهنية، حيث يُفترض أن ينتقل المشتكي إلى مقر اللجنة وليس العكس. كما أن القرار الاستثنائي تضمن الإشارة إلى مقال آخر لم يكن مُدرَجًا في الشكوى الأساسية.
وتأتي هذه التطورات في أجواء مشحونة، بعد أيام من تسريبات مصورة كشفت مداولات اللجنة في قضية الصحافي حميد المهداوي. وقد كشفت تلك التسريبات عن مواقف وُصفت بالمنحازة والانتقامية، وسط تلميحات حول محاولات للتأثير على مسارات قضائية.
ويواجه المجلس أزمة قانونية عميقة، حيث تجاوزت ولايته الرسمية منذ عامين، بينما انتهت صلاحية اللجنة المؤقتة المشرفة على إدارته منذ أكتوبر الماضي، مما يضع كل قراراته ضمن دائرة التساؤل القانوني.
وقد دفعت هذه التطورات عددًا من الفاعلين الإعلاميين والسياسيين إلى المطالبة بإلغاء جميع قرارات اللجنة التأديبية، وحل المجلس الوطني للصحافة، وإعادة النظر في آليات التنظيم الذاتي للصحافيين، في خطوة تعكس حجم الأزمة المهنية التي تعيشها المؤسسة.
وتظل التساؤلات معلقة حول قدرة الهيئات المهنية على الحفاظ على استقلاليتها، والموازنة بين متطلبات حرية الصحافة وضرورات احترام أخلاقيات المهنة، في مشهد إعلامي يشهد تحولات عميقة.

تعليقات