المؤسسات الدستورية والحكومة: صراع الأرقام ومسار الإصلاح المتأخر

تتصاعد الضغوط على الحكومة المغربية في مواجهة آلاف التوصيات الصادرة سنوياً عن مؤسسات الحكامة الدستورية، ما يضع الفاعلين السياسيين أمام اختبار حقيقي لقدرتهم على تحويل الرؤى إلى إصلاحات ملموسة.
وحسب خبراء ومحللين، فبين 12 تقريرا سنويا تناقش في البرلمان، وبين أكثر من 1,500 توصية صادرة خلال العقد الأخير، يتضح أن تضارب الأرقام وتحليل المعطيات المختلفة أصبح جزءاً من المشهد السياسي، خاصة في الفترات الحساسة المرتبطة بالاقتراض الدولي أو جذب الاستثمارات الأجنبية.
ويتجلى التحدي الأكبر -حسب ذات المصدر- في تأخر تنفيذ التوصيات القابلة للتطبيق، إذ غالبا ما تحال على لجان متعددة قبل أن تصل إلى أرض الواقع، ما يسبب هدر الزمن التشريعي ويؤخر إصلاحات حيوية. ويؤكد المتابعون أن هذه الإجراءات البطيئة تُضاعف التكاليف، خاصة عند اللجوء إلى مكاتب دراسات جديدة لإعادة صياغة نفس التحليلات، ما يزيد الضغوط على المالية العامة ويؤخر تنفيذ المشاريع الاقتصادية والاجتماعية الأساسية.
ورغم أن الدستور يضمن إطار عمل واضح للمؤسسات الدستورية، بدءا من المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي وصولاً إلى مجلس الجالية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فإن غياب المتابعة الفعلية من البرلمان والوزراء يؤدي إلى تراكم الأخطاء، ويحول دون تحويل توصيات مثل إصلاح صندوق المقاصة أو أنظمة التقاعد إلى حلول ملموسة.
وتظل مجموعة من الملفات الاستراتيجية معلقة منذ سنوات، بما فيها تطوير التعليم الأولي وتأهيل اللغة الإنجليزية في الابتدائي، وتحويل المكتب الوطني للسلامة الصحية والغذائية إلى وكالة وطنية بتمثيليات في 12 جهة، وتنظيم أسواق جملة نموذجية وإصلاح سلاسل توزيع الإنتاج، وتشجيع التصنيع المحلي وقطاع التكنولوجيا العالية مثل الحواسيب والهواتف المحمولة. وكل هذه الملفات، إن أُحسنت متابعتها، من شأنها أن تعزز النمو وتوسع فرص التشغيل الجهوي، وتحقق قيمة مضافة ملموسة للمواطنين والوطن على حد سواء.

تعليقات