هل تتجه أكديطال لابتلاع السوق الصحي؟ نقابات الأطباء تدق ناقوس الخطر

في خضم الجدل المتصاعد حول مستقبل المنظومة الصحية الخاصة بالمغرب، انفجرت موجة غضب مهني وسط الأطباء بالقطاع الحر عقب إعلان مشروع تركيز اقتصادي ضخم يهدف إلى وضع خدمات التشخيص والاستشفاء تحت سيطرة كيان واحد مهيمن؛ خطوة اعتبرها العديد من الفاعلين الصحيين تهديدا مباشرا للتوازن الصحي الوطني، ومحاولة لابتلاع السوق وتحويله إلى مجال مغلق تتحكم فيه جهة واحدة دون منافسة حقيقية.
هذا المشروع، الذي أثار ارتباكا واسعا في الأوساط المهنية، دفع التنسيقية النقابية للأطباء العامين بالقطاع الخاص والائتلاف الوطني لأطباء القطاع الحر إلى مراسلة مجلس المنافسة بلهجة حادة، محذرين من “خطر داهم” يهدد الطب الحر واستقلالية الممارسة الطبية بالمغرب.
وأكدت الهيئتان المهنيتان، بعد اطلاعهما على البلاغ الصادر عن مجلس المنافسة بتاريخ 13 نونبر 2025 حول عملية التركيز الاقتصادي بين عدة صناديق استثمارية ومجموعة Akdital، أن مشروع السيطرة المشتركة على شركة Rochaktalim SA يمثل منعطفا خطيراً في مسار القطاع الصحي الخاص، حيث يكرس تمركزا غير مسبوق لخدمات التشخيص والاستشفاء بيد فاعل واحد بات يتحكم في شبكة تضم 39 مؤسسة صحية عبر التراب الوطني، مع توسع مكثف يشمل مختبرات التحليل الطبي، مراكز التصوير، وشبكات الرعاية القريبة.
ودقت التنسيقية والائتلاف ناقوس الخطر معتبرين أن إدماج مشروع Rochaktalim SA ضمن هذا التوسع سيؤدي إلى سيطرة شبه كاملة على مفاصل العرض الصحي، مما سينعكس سلباً على الأمن الصحي الوطني وعلى المنافسة داخل السوق.
وأوضحت الهيئتان أن تمركز خدمات البيولوجيا الطبية والتصوير والاستشفاء تحت سقف مجموعة واحدة سيقود عملياً إلى إضعاف الطب الحر وتقليص عدد الفاعلين المستقلين، مع تعريض العيادات الصغيرة والمتوسطة لخطر الزوال، فضلاً عن احتمال فرض شروط تجارية وأسعار غير تنافسية تمس المرضى والأطباء على حد سواء.
وسجلت المراسلة المهنية تساؤلات جوهرية حول مدى قانونية عمل Rochaktalim SA في المجال الصحي الخاص، متسائلة عن طبيعة نشاطها الحقيقي وهل تحترم القوانين المنظمة للممارسة الطبية، خصوصاً في ظل عدم استشارة هيئة الأطباء قبل الإعلان عن شبكة وطنية للتشخيص، إلى جانب الغموض المحيط بنوعية البنى الصحية التي تعتزم الشركة إنشاءها، وصيغ تشغيل الأطباء في إطار وصفته التنسيقية بأنه “يخرق مقتضيات القانون المنظم للمهنة ويحوّل الطبيب إلى أجير لدى شركة تجارية”.
كما حذرت الهيئتان من المخاطر المرتبطة بخلق شبكة صحية ضخمة وموحدة قد تستحوذ على جزء كبير من موارد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتؤثر على حرية المؤمنين في اختيار مقدمي الخدمات الصحية، وتغرق السوق في تبعية مالية وتنظيمية تُهدد بتقويض توازن المنظومة الصحية برمتها.
وطالبت التنسيقية النقابية للأطباء العامين بالقطاع الخاص والائتلاف الوطني لأطباء القطاع الحر بفتح تحقيق معمق وفق مقتضيات القانون 104-12، للتأكد من عدم خلق وضع مهيمن داخل سوقي التشخيص والاستشفاء، ولتقييم آثار التوسع المستمر لمجموعة Akdital على الطب الحر وعلى استمرارية العيادات الخاصة، وعلى السير الطبيعي للمرفق الصحي العمومي الذي يعاني أصلاً من نزيف الموارد البشرية.
وأكدت الهيئتان على استعدادهما لتقديم كل المعطيات الضرورية لمجلس المنافسة من أجل إجراء تقييم شامل وموضوعي يحمي المنظومة الصحية الوطنية، ويضمن حقوق المرضى في خدمات ذات جودة وبأسعار معقولة، ويحافظ على التنافسية واستقلالية مهنة الطب، محذرتين من أن السكوت عن هذا التمركز الاقتصادي قد يفتح الباب أمام هيمنة مطلقة تهدد الأمن الصحي للمواطنين.

تعليقات