بعد عامين خلف القضبان… استئنافية أكادير تبرئ أستاذا من تهمة هتك عرض قاصر

في خضم النقاش المتصاعد حول الشكايات الكيدية وتأثيرها على المسار المهني والاجتماعي للموظفين، عادت قضية أستاذ بتزنيت إلى واجهة الاهتمام، بعد أن شكلت مثالا صارخا لما قد تخلفه الاتهامات غير المثبتة من آثار مدمرة على حياة أشخاص ذوي سمعة طيبة.
هذه القضية أثارت، منذ بدايتها، ردود فعل واسعة داخل الوسط التعليمي والرأي العام، لما حملته من تفاصيل حساسة ومسار قضائي معقد انتهى بحكم اعتبره كثيرون منصفا.
فقد أصدرت محكمة الاستئناف بأكادير حكما يقضي ببراءة الأستاذ المتابع بتهمة هتك عرض قاصر، بعدما ألغت القرار الابتدائي الذي أدانه بخمس سنوات سجنا نافذا، قضى منها عامين خلف القضبان؛ المحكمة أوضحت في تعليلها أن الملف خالٍ من أي دليل مادي يثبت مزاعم الاعتداء، كما أن شهادة تلميذة أخرى لم تؤكد حدوث أي سلوك مخل، إضافة إلى تقرير طبي أثبت خلو جسد القاصر من أي آثار اعتداء جنسي. وبناء على قاعدة “الشك يفسر لصالح المتهم”، انتهى القضاء إلى إعلان البراءة وتحميل الخزينة العامة مصاريف المحاكمة.
وخلال جلسات المحاكمة، عرض دفاع الأستاذ حجم الأضرار النفسية والاجتماعية والصحية التي تعرض لها موكله، إذ أدى توقيف راتبه إلى تعطيل علاجه بعد عمليتين جراحيتين في القلب، كما أثر على مسار دراسة أبنائه الجامعي. الدفاع أشار أيضا إلى أن المتهم، الذي راكم أزيد من 31 سنة من الخدمة في التعليم، وجد نفسه أمام انهيار نفسي واجتماعي بسبب اتهامات لم تثبت، فيما ظلت أسرته تبحث عن الإنصاف طوال فترة الاعتقال. وبعد صدور الحكم، طالب الأستاذ بإنهاء معاناته الإدارية، وإلغاء قرار التوقيف، واسترجاع راتبه الكامل، مع تسوية وضعيته المهنية.
القضية خلفت ردود فعل قوية داخل الوسط التعليمي في تزنيت، حيث اعتبر العديد من الأساتذة والمتضامنين أن ما حدث يشكل دليلا آخر على خطورة الشكايات الكيدية، وما يمكن أن تسببه من تدمير لمسارات مهنية وعائلية كاملة. كما دعوا إلى تعزيز آليات الحماية القانونية للمدرسين والموظفين، وضمان عدم استغلال القانون في الانتقام أو التصفية المهنية.
وفي الوقت الذي طويت فيه صفحة هذا الملف قضائيا، يظل السؤال مفتوحا حول السبل الكفيلة بحماية المشتغلين في القطاعات الحيوية من أي شكايات قد تستهدف سمعتهم أو مسارهم المهني، وكيف يمكن للمؤسسات المعنية ضمان عدالة متوازنة تحمي الضحايا الحقيقيين دون الإضرار بالأبرياء.

تعليقات