عودة “النقطة 233”.. توتر دبلوماسي بين تونس والجزائر بعد تصويت الأمم المتحدة على الصحراء المغربية
في تطور دبلوماسي لافت، أعاد السفير التونسي السابق إلياس القصري إحياء نزاع حدودي قديم بين تونس والجزائر، يعرف بـ”النقطة 233″. هذه النقطة، التي تقع في منطقة جبلية نائية على الحدود بين البلدين، ظلت لعقود قضيةً منسية بعد الاستعمار الفرنسي. إلا أنها عادت للظهور في الآونة الأخيرة، بعد تصويت تونس في الأمم المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية.
بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 2797 حول الصحراء المغربية، والذي رحب به المغرب لتوازنه وواقعيته، خرج القصري بتصريحات مثيرة، حذر فيها من أن “الحياد التونسي” في قضية الصحراء قد تحول إلى دعم ضمني للجزائر. وأشار إلى أن هذا الموقف يرتبط مباشرة بمسألة الحدود التاريخية بين البلدين، لافتًا إلى أن النقطة 233 باتت نقطة خلاف جديدة.
وتعود جذور هذا الخلاف إلى الفترة التي تلت استقلال الجزائر عام 1962، حين ظهرت خلافات فنية في ترسيم الحدود بين تونس والجزائر، خاصة فيما يتعلق بالإحداثيات التي خلفتها الإدارة الاستعمارية الفرنسية. ورغم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود النهائية عام 1970، بقيت بعض النقاط، ومنها النقطة 233، محل خلاف لم يتم حسمه بشكل نهائي.
إلا أن العلاقات الودية بين الزعماء آنذاك، الحبيب بورقيبة في تونس وهواري بومدين في الجزائر، ساهمت في تهدئة الوضع، ولم يتحول هذا الجدل إلى أزمة حقيقية. وقد تجلى ذلك في صور تاريخية خلال احتفالات بيزرت عام 1963، التي شهدت احتكاكًا رسميًا بين القيادتين التونسية والجزائرية.
لكن اليوم، في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة، يبدو أن هذه الخرائط القديمة بدأت تُستدعى من جديد. خاصة مع استمرار التوتر بين الجزائر والمغرب حول قضية الصحراء، والتي جعلت الجزائر أكثر حساسية تجاه كل ما يتعلق بالحدود مع جيرانها، بما في ذلك تونس.
وقد أثارت تصريحات القصري ردود فعل قوية في الأوساط السياسية والإعلامية في تونس والجزائر، حيث طرح البعض تساؤلات حول إمكانية عودة النزاع حول “النقطة 233” إلى الواجهة في ظل الظروف السياسية الحالية.
هذه التصريحات أعادت إلى الأذهان فترة ما بعد الاستقلال في الستينيات، حيث كانت الحدود بين الدولتين موضوعًا للعديد من الخلافات، خاصة في ظل التوترات الإقليمية والتحولات التي يشهدها الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ومع تصاعد الخلافات حول الصحراء المغربية، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستؤثر هذه التوترات الدبلوماسية على العلاقات بين تونس والجزائر؟ أم ستظل الأمور تحت السيطرة، كما حدث في الماضي؟

تعليقات