بالأرقام.. العنف والإهمال الأسري في صدارة الجرائم العائلية في المغرب

كشف تقرير وزارة العدل اليوم عن أن العنف والإهمال الأسري يتصدران قائمة الجرائم العائلية في المغرب، حيث تم تسجيل حوالي 575 ألف قضية خلال العقدين الماضيين. وتتنوع هذه القضايا بين الاعتداءات الجنسية، والإهمال العائلي، وهجر الأسرة، بالإضافة إلى قضايا خيانة الأمانة الزوجية.
وأوضح التقرير أن الاعتداءات الجنسية، بما في ذلك التحرش والاغتصاب وهتك العرض، تشكل أكثر من 400 ألف قضية من إجمالي القضايا المسجلة. كما تم تسجيل أكثر من 62 ألف قضية مرتبطة بالإهمال العائلي وهجر الأسرة، إلى جانب قضايا الخيانة الزوجية والفساد.
سجلت سنة 2005 أعلى معدل من القضايا الأخلاقية في تاريخ المغرب، حيث تجاوز عددها 42 ألف قضية. رغم تراجع الحالات الملحوظ خلال فترة جائحة كوفيد-19، إلا أن الأرقام عادت للارتفاع في بداية عام 2021. ويعود هذا التزايد إلى زيادة الوعي الحقوقي لدى النساء والأطفال، الذين أصبحوا أكثر قدرة على الإبلاغ عن الجرائم التي كانت تعد في الماضي “قضايا عائلية مغلقة”.
أحد الملفات الأكثر حساسية التي تطرق لها التقرير هو ظاهرة الإهمال الأسري، خاصة فيما يتعلق بهجر الزوجة أو الأطفال وعدم دفع النفقة. فقد سجلت هذه القضايا نحو 62 ألف حالة على مدار عشرين عامًا، وهي تمثل أحد أبرز الشكاوى التي يعاني منها الكثير من الأسر المغربية، حيث يتنصل العديد من الأزواج والآباء من مسؤولياتهم الأسرية.
وتُعد المدن الكبرى مثل الدار البيضاء وفاس وطنجة ومراكش من أبرز المناطق التي سجلت أكبر عدد من هذه القضايا. كما تشير المعطيات إلى أن المناطق القروية تشهد زيادة ملحوظة في حالات الهجر، بسبب الهجرة الداخلية والخارجية التي يعاني منها العديد من الأفراد.
العوامل الاقتصادية، مثل البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة، تلعب دورًا كبيرًا في تفاقم هذه المشكلة. بالإضافة إلى ذلك، تساهم التغيرات الاجتماعية وضعف التماسك الأسري في تعميق الوضع. وعلى الرغم من الإصلاحات القانونية التي أجرتها الدولة في مدونة الأسرة والقانون الجنائي، إلا أن التقرير يشير إلى أن الإجراءات القانونية لم تحقق نتائج كافية حتى الآن، مما يقتضي تحسين آليات تنفيذ الأحكام.
وفيما يخص التحولات الاجتماعية، أشار التقرير إلى أن الانتقال من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية كان له دور في تراجع دور الوساطة الأسرية والضبط الاجتماعي، الأمر الذي ساهم في تفشي هذه الجرائم. من جانب آخر، ساهم انتشار وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة حالات الاستغلال الجنسي والاعتداءات عبر الإنترنت، خاصة بين القاصرين.
وفي توصياته، دعا التقرير إلى ضرورة التحول من المقاربة الزجرية إلى الوقائية، من خلال تقديم الدعم النفسي والقانوني للأسر الهشة وتعزيز دور الجمعيات المدنية. كما شدد على أهمية تفعيل مؤسسات الوساطة العائلية وتوسيع دورها في هذه القضايا. مؤكداً أن الاستقرار الأسري يشكل أساسًا للأمن المجتمعي، وأن أي إصلاح قانوني يجب أن يُواكب بتربية أسرية وإعلامية تحمي كرامة النساء والأطفال.

تعليقات