آخر الأخبار

مكب النفايات بالبيضاء تحت المجهر: طريقة إدارته تسبب انبعاث غازات سامة

نشرت دراسة علمية حديثة في مجلة “نيتشر” نتائج مثيرة حول انبعاثات الغازات الدفيئة من مكبات النفايات في المغرب، لتضع مكب ضواحي الدار البيضاء ضمن خريطة الانبعاثات العالمية للميثان، الغاز الدفيء المسؤول عن نحو 30% من الاحترار العالمي الناتج عن الأنشطة البشرية. وأظهرت الدراسة أن الانبعاثات لا ترتبط فقط بحجم النفايات المتراكمة، بل بطريقة إدارة المكبات والمساحات المفتوحة التي يتم فيها الطمر والمعالجة، ما يجعل كل منطقة نشطة في المكب مصدراً رئيسياً للميثان.

الدراسة، التي أعدها فريق علمي دولي من هولندا وكندا والولايات المتحدة، استخدمت صور الأقمار الصناعية عالية الدقة لتتبع بؤر الانبعاث داخل المكب عبر الزمن، وبيّنت أن الانبعاثات تتحرك مع النشاط اليومي، أي أن مناطق الطمر أو الحفر أو الفرز هي الأكثر إصداراً للغاز، مقارنة بالمناطق المغطاة أو المعالجة بشكل أفضل. وتشير الدراسة إلى أن الانبعاثات العالمية من النفايات قد تصل إلى 60 مليون طن بحلول 2050 في حال عدم اتخاذ إجراءات للحد منها.

وتسلط النتائج الضوء على التحديات التي تواجه المغرب، خصوصاً مع التوسع الحضري السريع وبنية إدارة النفايات التي لا تزال تعاني اختلالات هيكلية، حيث تصل كميات كبيرة من النفايات المنزلية والصناعية إلى مكبات مفتوحة أو شبه منظمة. وتشير الدراسة إلى أن الفجوة بين الانبعاثات المبلغ عنها رسمياً والمرصودة فعلياً كبيرة، وهو ما يفرض تطوير آليات رصد دقيقة واعتماد استراتيجيات أفضل لإدارة المكبات.

وفي مكب الدار البيضاء، يظهر بوضوح كيف تؤثر طريقة الاستغلال اليومية على مستوى الانبعاثات، حيث كشف التتبع الفضائي تطابقاً بين أماكن النشاط البشري والبؤر التي تصدر الميثان. وتؤكد الدراسة أن الحلول متاحة، منها فصل النفايات العضوية قبل الطمر أو إنتاج الغاز الحيوي من المواد القابلة للتحلل، ما قد يقلل الانبعاثات العالمية من النفايات إلى نحو 11 مليون طن بحلول 2050، أي أقل بثلاث مرات مما هو متوقع إذا استمر الوضع الحالي دون تدخل.

وتخلص الدراسة إلى أن تحسين إدارة المكبات يعد خطوة حاسمة للحد من الانبعاثات وتحقيق أثر إيجابي على المناخ، مع التأكيد على أن الصور الفضائية عالية الدقة يمكن أن تقلب فهمنا التقليدي لانبعاثات النفايات، وتضع المغرب أمام تحدٍ مباشر لإعادة النظر في سياسات إدارة النفايات الحضرية ضمن استراتيجيات التخفيف من تغير المناخ.

المقال التالي