آخر الأخبار

الهيئة الوطنية للنزاهة: المغرب يواجه صعوبات كبيرة في مكافحة الفساد

أظهرت معطيات رسمية استمرار الوضع المقلق لتفشي الفساد في المغرب، وذلك خلال عرض قدمته الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، حول دراسة مشروع الميزانية الفرعية للسنة المالية 2026.

الهيئة أوضحت أن المؤشرات الدولية تؤكد أن المملكة ما تزال تواجه تحديات كبرى في مجال محاربة الفساد، إذ سجل المغرب في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024 معدل 37 على 100، وهو نفس المعدل تقريبًا المسجل منذ عام 2012، ما يعكس جمودًا في وتيرة الإصلاح وضعفًا في تحسين القدرة على مكافحة الممارسات الفاسدة.

وأبرزت الهيئة أن ترتيب المغرب على المستوى الدولي بين سنتي 2012 و2024 لم يعرف أي تحسن ملموس، بل شهد تقلبات طفيفة دون تسجيل تقدم فعلي. كما أظهرت مؤشرات أخرى استمرار الوضع الصعب، من بينها مؤشر التحول السياسي الذي سجل 30 نقطة سنة 2025، ومؤشر المخاطر الدولية الذي بلغ 42 نقطة.

كما سجلت مؤشرات سيادة القانون وحقوق الملكية والمخاطر الاقتصادية والاجتماعية درجات متدنية، تعكس حجم التحديات المطروحة أمام تكريس مبادئ الشفافية والمساءلة. وأوضحت الهيئة أن تصنيف المغرب في مجال “غياب الفساد” ضمن مؤشر سيادة القانون تراجع من المرتبة 47 سنة 2015 إلى المرتبة 95 سنة 2024، مما يشير إلى تدهور مستمر مقارنة بدول أخرى.

وأضاف التقرير أن مؤشر التحول السياسي “بيرتلسمان” أكد فقدان المغرب لتقدم سابق، بعدما انتقل من المرتبة 74 سنة 2006 إلى المرتبة 106 سنة 2024، نتيجة ضعف المشاركة السياسية وتراجع سيادة القانون والاندماج الاجتماعي. أما في ما يخص مؤشرات الحكامة، فقد حصل المغرب على معدل 4.63 سنة 2024، بانخفاض قدره 0.21 نقطة عن سنة 2022، بسبب تراجع قدرة الفاعلين على بناء توافقات سياسية ومجتمعية.

كما سجل مؤشر مصفوفة مخاطر الرشوة (Trace Bribery Matrix) درجة بلغت 56 سنة 2024، وهي نسبة أعلى من المتوسط العالمي البالغ 48.74، بينما ارتفع مؤشر شفافية الحكومة والإدارة العامة من 64 إلى 65، ما يعكس ارتفاعًا في مستوى المخاطر بدلاً من تراجعها.

وأكدت الهيئة أن تجاوز هذا الوضع يتطلب إرادة سياسية قوية وآلية وطنية فعالة لتنسيق الجهود وتقييم نتائج الإصلاحات بشكل دوري، إلى جانب ضرورة نشر تقارير شفافة حول التقدم المحرز. كما شددت على أن تحسين مناخ الأعمال وجاذبية الاستثمار مرتبطان بتعزيز الشفافية والمساءلة وسيادة القانون، لما لذلك من أثر مباشر على الثقة في الاقتصاد الوطني.

أكدت على أن تحقيق نتائج ملموسة في مكافحة الفساد يستلزم تعبئة وطنية شاملة وتنسيقًا مؤسساتيًا محكمًا بين مختلف الفاعلين، باعتبار ذلك رافعة أساسية لتعزيز الثقة المجتمعية وتحسين صورة المملكة لدى الشركاء الدوليين والمستثمرين الأجانب.

المقال التالي