آخر الأخبار

قبل تصويت مجلس الأمن.. واشنطن تتحرك لفتح قنصليتها في الداخلة

قبل أيام قليلة من التصويت المنتظر في مجلس الأمن بشأن تمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء، كشفت مجلة أفريكا إنتليجنس الفرنسية المتخصصة في الشؤون الإفريقية عن زيارة غير مسبوقة قام بها وفد قنصلي أمريكي إلى مدينة الداخلة، في خطوة اعتُبرت إشارة عملية إلى رغبة واشنطن في تسريع وتيرة حضورها الدبلوماسي في الإقليم.

ووفقاً للمجلة الصادرة في باريس، حلّ وفد من الدبلوماسيين الأمريكيين العاملين في القنصلية بالدار البيضاء والسفارة بالرباط بالداخلة هذا الأسبوع، حيث أجرى لقاءات مع السلطات المحلية لتقييم الأوضاع الميدانية، تمهيداً لافتتاح قنصلية أمريكية في المدينة. وتأتي الخطوة استكمالاً لما أعلنه مسعد بولوس، المستشار الخاص للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في السابع عشر من هذا الشهر، حول “اتخاذ الخطوات الأولى نحو فتح القنصلية”.

ورغم الإغلاق الجزئي للحكومة الأمريكية منذ مطلع أكتوبر وما ترتب عليه من شلل إداري، حصلت وزارة الخارجية الأمريكية على ترخيص استثنائي لتنظيم الزيارة، ما يعكس الأهمية التي توليها واشنطن لهذه المبادرة قبل التصويت الحاسم المرتقب في مجلس الأمن حول مشروع القرار الأمريكي المتعلق بالصحراء.

التقرير أشار إلى أن الوفد الأمريكي عقد اجتماعات مع والي جهة الداخلة – وادي الذهب علي خليل، ورئيس المجلس الجهوي ينجا الخطاط، ومدير المركز الجهوي للاستثمار بالنيابة أحمد كثير، من أجل تحديد الموقع المحتمل للقنصلية الجديدة. وتأتي هذه الزيارة استجابة لطلب مغربي وُضع منذ سنة 2020 في إطار اتفاقات أبراهام التي أعادت بموجبها الرباط علاقاتها مع إسرائيل برعاية أمريكية، مقابل اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء.

ويرى محللون أن تحرك واشنطن بهذا التوقيت يبعث برسالة سياسية واضحة قبل التصويت الأممي، إذ تسعى الإدارة الأمريكية إلى تأكيد دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي باعتباره “الحل الواقعي والجاد” للنزاع، مع التشديد على ضرورة استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة. ومن المنتظر أن يجري التصويت يوم الثلاثين من هذا الشهر، وسط مؤشرات على احتمال اعتراض روسيا أو الصين، في حين تعمل واشنطن وباريس على حشد الدعم لتجديد ولاية المينورسو إلى نهاية يناير المقبل فقط بدلاً من عام كامل.

وبحسب أفريكا إنتليجنس، تستعد واشنطن للإعلان رسمياً في نوفمبر عن نيتها فتح قنصلية في الداخلة، في استجابة مباشرة للطلب المغربي. وترى الرباط في هذه الخطوة “تطميناً للمستثمرين الأمريكيين والدوليين بشأن استقرار وأمن استثماراتهم في الأقاليم الجنوبية”. كما أوضح التقرير أن وكالة الأمن القومي الأمريكية منحت الضوء الأخضر للشركات الأمريكية لبدء الاستثمار في المنطقة بعد تقييم المخاطر الأمنية، غير أن إنشاء بعثة دبلوماسية دائمة يظل مشروعاً معقداً يتطلب ترتيبات مالية ولوجستية طويلة.

تأتي هذه التطورات ضمن تزايد الاهتمام الأمريكي بالملف المغربي منذ اعتراف إدارة ترامب بسيادة المغرب على الصحراء في ديسمبر 2020، وهو الموقف الذي لم تتراجع عنه إدارة بايدن رغم تحفظات الأمم المتحدة وبعض العواصم الأوروبية. ويرى مراقبون أن تسريع خطوات فتح القنصلية يهدف إلى تكريس الأمر الواقع ودعم مسار الاستثمار الأمريكي في الأقاليم الجنوبية، مع الحفاظ في الوقت ذاته على التوازن الدبلوماسي مع الجزائر وجبهة البوليساريو داخل الأمم المتحدة.

قبل يومين فقط من التصويت في مجلس الأمن، يعيش ملف الصحراء أجواء من الترقب الدبلوماسي المكثف، بينما يتواصل الجدل داخل المجلس حول الصيغة النهائية لمشروع القرار الأمريكي الذي يربط بين “الحكم الذاتي المغربي” و”حق تقرير المصير لشعب الصحراء”، وهي صيغة يرى البعض أنها غامضة وتحمل أكثر من دلالة. ويُرجّح أن تسعى واشنطن إلى تمرير نصّ متوازن يدعم المغرب ويُطمئن الأطراف الأخرى لتفادي أي مواجهة داخل المجلس.

المقال التالي