حق المواطن في الطعن.. “مغرب تايمز” يكشف تفاصيل آلية “الدفع بعدم دستورية القوانين”

تبنّت الحكومة المغربية مشروع القانون التنظيمي رقم 35.24، الذي يُفعل الحق الدستوري للمواطنين في الدفع بعدم دستورية القوانين أمام القضاء، استنادًا إلى الفقرة الثانية من الفصل 133 من دستور 2011. ويُعدّ هذا المشروع خطوة بارزة نحو ترسيخ مبدأ سموّ الدستور وتعزيز حماية الحقوق والحريات الأساسية.
تُتيح هذه الآلية للمواطنين والمتقاضين الطعن في أي مقتضى قانوني يرون أنه يمسّ بحق من حقوقهم الدستورية، فيتحوّل الدستور من نصّ مرجعي عام إلى أداة عملية تُستعمل في المسار القضائي. وبهذا المعنى، ينتقل المواطن من موقع الخضوع للقانون إلى شريك فاعل في مراقبة دستوريته.
تقوم آلية الدفع بعدم الدستورية على ثلاث مراحل مترابطة: الأولى أمام المحكمة التي تنظر في الدعوى الأصلية، حيث يُثار الدفع. والثانية أمام محكمة النقض، التي تتولّى تصفية الطلب والتأكد من جديته. أما المرحلة الثالثة فتتم أمام المحكمة الدستورية، التي تبتّ بشكل نهائي في مدى مطابقة المقتضى القانوني للدستور.
ويُلزم المشروع المحاكم باحترام آجال صارمة، أبرزها البتّ في الشكل داخل ثمانية أيام، وتمكين الطرف المعني من تصحيح المسطرة خلال أربعة أيام إضافية عند الحاجة، قبل إحالة الملف على محكمة النقض في أجل لا يتعدى خمسة عشر يومًا. أما المحكمة الدستورية فتتوفر على مدة أقصاها تسعون يومًا لإصدار قرارها النهائي، الذي يُنشر فورًا في الجريدة الرسمية.
وفي حال قبول الدفع، يُنسخ القانون أو المقتضى المعني ابتداءً من التاريخ الذي تحدّده المحكمة الدستورية، دون أن تتحمل الدولة أي مسؤولية عن الأفعال التي نُفّذت قبل تاريخ النسخ. أما إذا رُفض الدفع، فيستمر العمل بالقانون كما هو. وتُعتبر جميع قرارات المحكمة الدستورية نهائية وغير قابلة لأي طعن.
غير أن هذا التطور التشريعي لا يخلو من تحدّيات، خصوصًا في المجال الانتخابي، حيث تنصّ المادة 17 من المشروع على تعليق البتّ في المنازعات الانتخابية إلى حين صدور قرار المحكمة الدستورية. وهو ما قد يؤدي إلى تأخير العملية الانتخابية وتعطيل المؤسسات المنتخبة لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، بما يثير مخاوف من فراغ مؤسساتي مؤقت.
كما يُثير المشروع إشكالية عدم اليقين القانوني، إذ يمكن أن يُستعمل الطعن في دستورية القوانين المنظمة للانتخابات كوسيلة للطعن في شرعية نتائجها. وفي حال نسخ مقتضى قانوني بعد تنظيم الانتخابات، قد تُطرح أسئلة حول مصير المؤسسات المنتخبة استنادًا إلى ذلك القانون، وهو ما قد يُضعف ثقة المواطنين في العملية الديمقراطية.
ومن جهة أخرى، يرى بعض المراقبين أن هذه الآلية قد تُستغل سياسيًا من قِبل أطراف انتخابية أو حزبية، فتحوَّل من أداة حماية دستورية إلى وسيلة ضغط وتأجيل للنتائج. وهو ما قد يُثقل كاهل القضاء بقضايا ذات طابع سياسي أكثر من كونها قانونية خالصة، ويجعل المحكمة الدستورية أمام ضغط زمني كبير.
ورغم هذه المخاوف، فإن مشروع القانون التنظيمي رقم 35.24 يُعدّ خطوة حقيقية نحو ترسيخ دولة القانون، شريطة أن تُواكب بتدابير عملية تضمن سرعة البتّ في القضايا الانتخابية، وتشديد دور محكمة النقض كمرحلة تصفية أولية فعالة، مع تعزيز ثقافة قانونية جديدة تعتبر الدفع بعدم الدستورية أداة لضمان العدالة الدستورية لا ورقة للصراع السياسي.

تعليقات