آخر الأخبار

بركة يهاجم حصيلة الحكومة… حملة انتخابية مبكرة أم محاولة للهروب من الغرق؟

خلال ندوة نظمها فرع رابطة المهندسين الاستقلاليين في الدار البيضاء، تحدث نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، عن واقع مقلق يعيشه المغرب، يتمثل في تفاقم الفوارق الاجتماعية والمجالية بين العالمين القروي والحضري، مشيرا إلى أن أزمة كوفيد-19 عمقت التفاوتات وأوقفت مسار التقليص منها.

وأوضح بركة أن مؤشر “جيني” الذي يقيس الفوارق في توزيع الدخل ارتفع من 38.5 قبل الجائحة إلى 40.5 بعدها، ما يعني، حسب قوله، أن الثروة تتركز أكثر في يد فئة محدودة من المواطنين، بينما تتسع قاعدة الفقراء الذين يفتقرون إلى الحد الأدنى من شروط العيش الكريم.

وأشار الوزير إلى ما وصفه بـ”القنبلة الاجتماعية” المتمثلة في فئة الشباب الذين لا يدرسون ولا يعملون ولا يتلقون أي تكوين، والذين يبلغ عددهم حوالي مليون ونصف المليون شاب، 58 في المائة منهم يعيشون في القرى، و72 في المائة نساء.

كما لفت إلى أن معدلات البطالة “خطيرة”، إذ تصل إلى 35.8 في المائة في صفوف الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 سنة، و21.9 في المائة بين 25 و34 سنة، بينما تبلغ بطالة النساء 20 في المائة فقط، مع مشاركة ضعيفة لهن في سوق الشغل لا تتجاوز 20 في المائة.

وتوقف بركة كذلك عند أرقام التعليم والأمية، مبينا أن نسبة الأمية بالقرى تبلغ 38 في المائة مقابل 17 في المدن، وأن 62.7 في المائة من سكان العالم القروي لم يلجوا المدرسة قط. كما كشف عن ضعف في البنية الصحية، حيث لا يتوفر المغرب سوى على 13 طبيبا لكل عشرة آلاف نسمة، في حين تحتاج البلاد إلى 30 ألف طبيب إضافي لتحقيق عدالة في توزيع الخدمات الصحية.

المثير في تصريحات نزار بركة أنها تصدر من وزير داخل الحكومة ذاتها التي يتهمها ضمنا بالفشل في تقليص الفوارق ومحاربة الهشاشة؛ فالرجل لا يتحدث هنا كمعارض، بل كعضو في فريق حكومي يتحمل مسؤولية مباشرة في هذا الوضع، خاصة أن قطاعي الماء والتجهيز اللذين يشرف عليهما يعدان من أهم أدوات التنمية الترابية وتقليص التفاوتات بين الجهات.

ويرى مراقبون أن بركة، وهو ينتقد الواقع، يبدو وكأنه ينأى بنفسه عن حصيلة حكومة يشارك فيها فعليا، مما يطرح سؤالا جوهريا: هل يحاول الأمين العام لحزب الاستقلال التملص من مسؤولية مشتركة؟ أم أنه يمهد لخروج سياسي من الحكومة عبر خطاب نقدي محسوب؟

ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، تزداد الشكوك حول دوافع هذه التصريحات، إذ يرى البعض أنها قد تكون جزءا من حملة انتخابية مبكرة أو محاولة لجس نبض الشارع واستعادة ثقة الناخبين، خصوصا في ظل تراجع شعبية الحكومة الحالية وفشلها في تدبير عدد من الملفات الاجتماعية الحساسة.

ويبقى السؤال مطروحا: إذا كان نزار بركة يرى أن الوضع الاجتماعي في المغرب بلغ هذا المستوى من الخطورة، فلماذا لا يقدم استقالته من حكومة لم تحقق وعودها؟ أم أن الخطاب النقدي من داخل السلطة أصبح وسيلة للهروب من المحاسبة السياسية؟

المقال التالي