آخر الأخبار

اختلالات التدبير تعرقل مشاريع التنمية والحكومة غائبة عن الإصلاح

أظهر تحليل حديث صادر عن مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي أن مشاريع التنمية الترابية المندمجة بالمغرب تواجه خطر التعثر بسبب اختلالات عميقة في تدبيرها وضعف التنسيق بين المتدخلين، ما يجعلها بعيدة عن تحقيق الأهداف التي أعلنتها الحكومة ضمن مشروع قانون المالية.

المركز اعتبر أن الإشكال لم يعد في غياب البرامج أو التمويلات، بل في ضعف القدرات التدبيرية للمنتخبين المحليين وتعدد الفاعلين دون رؤية موحدة، وهو ما يؤدي إلى تداخل الاختصاصات وتأخر إنجاز المشاريع وضياع الجهود بين مؤسسات وجماعات تفتقر للانسجام في التخطيط والتنفيذ.

وأشار التقرير إلى أن الجماعات الترابية ما تزال الحلقة الأضعف في منظومة التنمية، حيث تعاني من محدودية في مجالات البرمجة والتمويل والمراقبة، مما يجعل أثر البرامج التنموية على حياة المواطنين ضعيفاً ومحدود النطاق. كما أبرز أن التحديات التمويلية تظل قائمة بالنظر إلى ضخامة الحاجيات المالية مقابل ضعف القدرة على تعبئة موارد جديدة أو إرساء شراكات فعالة مع القطاع الخاص.

وبحسب الورقة التحليلية، فإن أحد أبرز مظاهر القصور يتمثل في غياب منظومة تقييم شفافة لقياس الأثر الحقيقي للمشاريع على المدى الطويل، إذ لا تتوفر الجهات على مؤشرات دقيقة لتتبع التقدم أو لربط المسؤولية بالمحاسبة.

ورأى المركز أن غياب الالتقائية بين السياسات العمومية والبرامج القطاعية يجعل التنمية الترابية تتحول إلى جزر معزولة بدل أن تكون ورشاً وطنياً موحداً، داعياً إلى ربط البرامج المحلية بالمشاريع الوطنية الكبرى لضمان انسجام الجهود وتكامل الأثر التنموي على المستوى الوطني.

ولتجاوز هذا الجمود، شدد التقرير على ضرورة إصلاح عميق في حكامة تدبير الشأن المحلي، يقوم على تكوين وتأهيل المنتخبين والفاعلين المحليين، واعتماد منهجية التخطيط القائم على النتائج، بما يعزز الشفافية والمساءلة. كما دعا إلى تنويع مصادر التمويل واستثمار الملك الخاص للدولة وتفعيل الشراكات مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان مشاركة أوسع في تتبع المشاريع وتقييمها.

وأكد المركز أن التنمية الترابية المندمجة تمثل اليوم رهاناً حقيقياً في مسار تفعيل النموذج التنموي الجديد، لكنها ستظل مجرد شعارات ما لم تتحمل الحكومة مسؤوليتها في توحيد الرؤية ورفع كفاءة التدبير الترابي. فبدون إصلاح شامل لمنظومة الحكامة المحلية سيبقى الحديث عن العدالة المجالية والإنصاف الاجتماعي مجرد خطاب بعيد عن الواقع.

المقال التالي