مديرية الضرائب تلاحق “المقاول الذاتي” وتفاقم أزمة المقاولات الصغرى

تستمر العديد من المقاولات المغربية في مواجهة تحديات كبيرة، في ظل غياب سياسات حكومية داعمة لنمو النسيج الاقتصادي الصغير والمتوسط. هذه الوضعية تثير تساؤلات حول دور النظام الضريبي في تعميق الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها المقاولات الصغيرة، خاصة في ظل “تمييز” يُمارس لصالح الشركات الكبرى.
في هذا السياق، أظهرت إحصائيات أن سنة 2024 شهدت إفلاس أكثر من 40 ألف مقاولة، مقابل حوالي 33 ألف في السنة التي سبقتها. وتوقع العديد من الخبراء أن يرتفع هذا الرقم بشكل أكبر في 2025 إذا استمر تجاهل المشاكل البنيوية التي تعاني منها المقاولات الصغيرة والمتوسطة، لا سيما تلك التي تحمل تسمية “المقاول الذاتي”.
وكان من المفترض أن يسهم نظام “المقاول الذاتي” في تحفيز المبادرة الفردية وتشجيع الشباب على الانخراط في المشاريع الخاصة، لكنه أصبح عبئًا ثقيلًا على عاتق العديد من هؤلاء المقاولين، بسبب الأعباء الضريبية المرتفعة ونقص الدعم والتكوين. هذه الوضعية دفعت المئات إلى إغلاق محلاتهم أو التخلي عن مشاريعهم.
ومن جهة أخرى، نددت البرلمانية عائشة الكوط بتأخر إصدار النصوص التنظيمية المتعلقة بميثاق الاستثمار، مقارنة بسرعة إصدار المراسيم الخاصة بدعم الشركات الكبرى. واعتبرت أن هذا التفاوت يعزز التمييز بين المقاولات، ويزيد من تفشي الاحتكار الذي يهدد توازن السوق.
وتعاني المقاولات الصغرى أيضًا من هيمنة الشركات الكبرى التي تجبرها على التعاقد معها دون أي ضمانات، مما يزيد من صعوبة وضعها المالي ويعرضها للإفلاس. ويعود هذا إلى قلة السيولة المالية وتأخر دفع مستحقاتها، وهو ما يعزز الأزمة الاقتصادية في القطاع.
كما أن الزيادة المستمرة في أسعار المحروقات تؤثر بشكل مباشر على تكاليف الإنتاج، ما يفاقم معاناة المقاولات، خاصة تلك العاملة في قطاعات النقل والخدمات اللوجيستية. هذا الارتفاع في التكاليف يسهم في زيادة الضغوط على الفاعلين الاقتصاديين الصغار، ويجعلهم أكثر عرضة للخطر.
وفي الوقت الذي يعاني فيه النظام الاقتصادي التقليدي من تفكك، لا سيما في الأحياء السكنية التي كانت تشهد انتشار “الحوانيت” والمحلات الصغيرة، يساهم توسع الشركات الكبرى في زيادة معدلات الإفلاس لهذه المشاريع، ما يؤدي إلى تغييرات اجتماعية واقتصادية قد تؤثر على استقرار المجتمع المغربي.
تعليقات