بين الواجهة البراقة والواقع القاسي.. أقصبي يرسم صورة قاتمة للاقتصاد المغربي

يرى الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي أن المغرب ما زال رهين نموذج اقتصادي قائم على “الرأسمالية الزبونية” و”الاقتصاد الريعي”، ما جعل الفوارق الاجتماعية تتسع والفئات الفقيرة والمهمشة تعاني تدهورًا متزايدًا، بينما تتراجع الطبقة الوسطى تحت ضغط الغلاء والضرائب غير العادلة. وأوضح أن تقارير رسمية، أبرزها تقرير الخمسينية سنة 2005، حذرت من هذه الاختلالات، لكنها بقيت حبيسة الرفوف، رغم التساؤلات التي طرحها الملك عام 2014 حول توزيع الثروة الوطنية.
وأشار أقصبي في حوار صحفي أجراه مع جريدة فرنسية، إلى أن الامتيازات الاقتصادية تُمنح لفئات محدودة تستفيد من “ريوع متعددة”، في حين تظل الزيادات في الأجور أو الخدمات الاجتماعية غير مؤثرة بسبب التضخم وغلاء المعيشة. وانتقد ما وصفه بـ”الإصلاح المقلوب” في السياسة الضريبية، إذ خُفضت الضرائب على الشركات الكبرى ورفعت على الصغرى، بينما يتحمل الموظفون الجزء الأكبر من الضريبة على الدخل.
وأكد أن الدولة تظل المحرك الأساسي للاستثمار، إذ تمثل مع المؤسسات العمومية ثلثي الاستثمارات الوطنية، في حين لا يتجاوز إسهام القطاع الخاص 25 في المئة، مما يعكس فشل الرهان على خلق طبقة من المقاولين المبتكرين، مقابل بروز فئة محدودة تستفيد من الامتيازات.
واعتبر أقصبي أن الريع في المغرب يتجلى في احتكار قلة من الشركات لقطاعات حيوية مثل المحروقات والبنوك والتأمين والنقل، حيث تتحكم في الأسعار وتجني أرباحًا ضخمة دون قيمة مضافة حقيقية، في إطار ما وصفه بعلاقات “أمسك لي أقطع لك”.
أما عن الاندماج في الاقتصاد العالمي، فأوضح أن حصيلته سلبية، إذ يعاني الميزان التجاري عجزًا متواصلاً منذ السبعينيات، ولا يتجاوز الاستثمار الأجنبي 3 في المئة من الناتج الداخلي الخام. واعتبر أن “المغرب يخسر أكثر مما يربح” من هذا الانخراط غير المتوازن.
وأشار إلى المفارقة بين “واجهة المغرب المبهرة” التي تروجها الدولة والمغرب الواقعي الذي يعاني خصاصًا في الصحة والتعليم وفرص العمل، مضيفًا أن الشباب يلجأون إلى القطاع غير المهيكل كملاذ اضطراري بسبب ضعف خلق فرص الشغل.
ويخلص أقصبي إلى أن معالجة الأزمة تقتضي إصلاحًا عميقًا لبنية الاقتصاد، وضمان توزيع عادل للثروة والسلطة، وإلا سيبقى المغرب يعيش في ازدواجية بين “مغرب الواجهة” و”مغرب الواقع”.
تعليقات