“المصلحة العليا” تبرر كل شيء.. الاتحاد الاشتراكي يمدد لعقلياته القديمة: إدريس لشكر

في أجواء مشحونة بالجدل والانقسام، أعاد المؤتمر الوطني الثاني عشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية انتخاب إدريس لشكر كاتبا أول للحزب، بعد أن صوّت أغلب المؤتمرين لصالح تمديد ولايته، مقابل معارضة محدودة لم تتجاوز بضع عشرات من الأصوات.
القرار جاء بعد المصادقة على تعديل المادة 217 من النظام الأساسي، التي تسمح بشكل استثنائي بالتمديد لولاية إضافية جديدة “إذا اقتضت المصلحة العليا للحزب ذلك”، وهو تعديل فتح الباب أمام استمرار لشكر على رأس الحزب لولاية رابعة، رغم الجدل الواسع الذي سبق المؤتمر حول ضرورة تجديد القيادة وضخ دماء جديدة في صفوف التنظيم.
وقد أثارت إعادة انتخاب لشكر موجة واسعة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من النشطاء والمدونين عن استغرابهم مما وصفوه بـ”التمسك بالكراسي إلى ما لا نهاية”، معتبرين أن الحزب العريق يبدو وكأنه يفتقر إلى كفاءات جديدة قادرة على قيادته. وكتب بعضهم أن “الاتحاد الاشتراكي صار يعيش في حلقة مفرغة عنوانها إدريس لشكر”، فيما رأى آخرون أن ما حدث يمثل تراجعا عن المبادئ التي طالما نادى بها الحزب في الماضي، خاصة ما يتعلق بالديمقراطية الداخلية وتداول المسؤولية.
وفي المقابل، قاطعت قيادات ووجوه بارزة داخل الحزب أشغال المؤتمر، احتجاجا على ما اعتبرته “تحكما مطلقا” من طرف لشكر ومؤيديه في كل تفاصيل التنظيم والنتائج، مؤكدين أن المؤتمر لم يكن مناسبة حقيقية للنقاش ولا لتجديد الدماء، بل مجرد تتويج مسبق لقرار كان جاهزا منذ البداية.
ويرى متتبعون أن هذه التطورات تكرّس أزمة عميقة داخل حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي يبدو عاجزا عن تجديد نخبته السياسية، في وقت تعرف فيه الساحة الوطنية حراكا شبابيا يدعو إلى تشبيب الأحزاب والقطع مع العقليات القديمة التي ما زالت تتحكم في مفاصل التنظيمات السياسية منذ عقود.
كما حذر محللون من أن استمرار الوضع الحالي قد يزيد من عزوف الشباب عن العمل الحزبي، في ظل فقدان الثقة في إمكانية التغيير من داخل المؤسسات الحزبية التقليدية، معتبرين أن الاتحاد الاشتراكي، الذي كان يوما مدرسة في الفكر والتجديد، أصبح اليوم أسير أسماء متكررة وقرارات فوقية، لا تعكس تطلعات القواعد ولا متطلبات المرحلة السياسية الراهنة.
تعليقات