العجز المائي يرتفع إلى 58%.. وبركة يؤكد أن “الخطر أصبح واقعاً”

حذّر وزير التجهيز والماء نزار بركة من أن المغرب يقف على أعتاب سنة جفاف ثامنة متتالية، في ظل وضعية مائية وصفها بـ”الاستثنائية والصعبة”، مشيراً إلى أن العجز المائي ارتفع إلى 58% وأن احتياطي السدود بلغ مستويات مقلقة.
جاء تحذير الوزير خلال جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية بمجلس المستشارين، حيث عرض تفاصيل دقيقة حول تراجع الموارد المائية وتداعياته على الأمن المائي الوطني. وأوضح أن الموارد المسجلة منذ مطلع شتنبر لم تتجاوز 160 مليون متر مكعب، بينما انخفضت نسبة ملء السدود إلى 32% مقارنة بـ40% في ماي الماضي، وهو ما يعكس هشاشة الوضع الهيدرولوجي للمملكة.
ورغم التحسن النسبي خلال السنة الفلاحية المنصرمة بفضل تساقطات بلغت في المتوسط 142 ملم، مكنت من تعبئة حوالي 4.9 مليارات متر مكعب من المياه (أي بزيادة قدرها 50% مقارنة بالموسم الذي سبقه)، فإن الوزير شدّد على أن هذا التحسن يبقى “غير كافٍ لتعويض سبع سنوات من الجفاف”، إذ لا يزال الحجم الإجمالي المتوفر أقل بـ22% من المعدل الوطني التاريخي.
وأكد بركة أن ندرة المياه تحولت من أزمة ظرفية إلى تحدٍ استراتيجي، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل على تسريع تنفيذ مشاريع كبرى في مجالات تحلية مياه البحر وتعبئة الموارد غير التقليدية، إلى جانب برامج ترشيد الاستهلاك ومحاربة الهدر المائي لضمان الأمن المائي للبلاد.
وفي هذا الإطار، أوضح الوزير أن مشروع محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء يمثل “نقطة تحول مفصلية”، إذ سيزوّد مختلف أقاليم الجهة، بما فيها القرى والمناطق الجبلية، كما ستسهم محطتا الجديدة وآسفي في تقليص الضغط على الموارد التقليدية، وتمكين مدن مثل مراكش واليوسفية وبنجرير وشيشاوة من التزوّد المستدام بالماء الصالح للشرب.
وأشار بركة إلى أن المغرب يتجه تدريجياً نحو نموذج يعتمد على التحلية كمصدر رئيسي للمياه، بحيث يُتوقّع أن يحصل نحو 60% من السكان على الماء المحلّى بحلول 2030. وسيسمح هذا التوجه بتخصيص مياه السدود للفلاحة والمناطق الداخلية، في حين تغطي التحلية حاجيات المدن الكبرى الساحلية.
وبالتوازي، يجري تنفيذ برامج لتعزيز تعبئة الموارد المائية، تشمل بناء 155 سداً صغيراً للوقاية من الفيضانات وسقي الماشية، وهو رقم يعادل ما أُنجز منذ الاستقلال، إضافة إلى حفر 4221 ثقبا استكشافياً بمعدل تدفق يناهز 8889 لتراً في الثانية، استفاد منها أكثر من 5.8 ملايين نسمة في العالم القروي. كما ساهم مشروع ربط حوض سبو بأبي رقراق في تزويد 500 ألف مواطن إضافي بـ871 مليون متر مكعب من المياه.
وشدّد الوزير في ختام مداخلته على أن “الخطر لم يعد بعيداً، بل أصبح واقعاً”، مؤكداً أن مواجهة تحدي الندرة المائية تتطلب تعبئة وطنية شاملة واستثمارات مستمرة في البنيات التحتية المائية، إلى جانب تغيير سلوكيات الاستهلاك الفردي والجماعي لضمان الأمن المائي للأجيال القادمة.
تعليقات