تقرير وطني يدق ناقوس الخطر حول انتشار “البوفا” بالمغرب

كشف المرصد الوطني للإجرام عن مؤشرات مقلقة بشأن تزايد انتشار مخدر “البوفا” خلال السنوات الأخيرة، مبرزاً أن الفترة ما بين 2022 و2024 عرفت ارتفاعاً كبيراً في معدلات إنتاجه واستهلاكه، ما يستدعي تحركاً عاجلاً لتطويق هذه الظاهرة وحماية الصحة العامة.
ويُعرف “البوفا”، أو ما يُسمى “كوكايين الفقراء”، بكونه خليطاً محلي الصنع يتكون من بقايا الكوكايين ممزوجة بمواد كيميائية وعقاقير طبية مختلفة. وقد ظهر هذا المخدر في المغرب سنة 2020، وتزايد انتشاره خلال فترة جائحة كورونا بسبب صعوبة الحصول على المخدرات المستوردة.
في دراسة تحمل عنوان “مخدر البوفا في المغرب: تحليل الاتجاهات والاستجابات الاستراتيجية”، أورد المرصد أن المصالح الأمنية تعاملت بين عامي 2022 و2024 مع 878 قضية تتعلق بهذا المخدر، نتج عنها توقيف 1044 شخصاً وحجز أكثر من 18 كيلوغراماً من المادة، فضلاً عن تسجيل ثلاث وفيات مؤكدة بسبب استهلاكها.
كما أظهرت المعطيات أن الكميات المحجوزة عرفت نمواً لافتاً، إذ انتقلت من 493 غراماً سنة 2022 إلى أكثر من 8 كيلوغرامات سنة 2023، ثم إلى حوالي 9.7 كيلوغرامات سنة 2024، فيما ارتفع عدد الموقوفين من 92 شخصاً إلى ما يقارب 470 خلال الفترة ذاتها.
وأشار التقرير إلى أن الظاهرة تتركز بالأساس في المناطق الحضرية بنسبة 82% من مجموع القضايا المسجلة، وتتصدر جهة الدار البيضاء-سطات الترتيب بـ712 محضراً، تليها جهة الرباط-سلا-القنيطرة بـ85 محضراً، في حين تسجل الأقاليم الجنوبية وجهة درعة تافيلالت حضوراً محدوداً للظاهرة.
وتستهدف هذه الآفة بشكل رئيسي الفئة العمرية ما بين 18 و55 سنة، بنسبة تفوق 90%، مع هيمنة واضحة للذكور (حوالي 89%)، وغالبيتهم من المواطنين المغاربة الذين يعيشون أوضاعاً اجتماعية واقتصادية هشة، أغلبهم عاطلون عن العمل أو محدودو التعليم.
ورغم أن الأرقام المسجلة تظل أقل مقارنة بالمخدرات التقليدية، فإن الوتيرة المتسارعة في انتشار “البوفا” تثير القلق، ما يجعل من الضروري اعتماد إجراءات وقائية واستباقية لمواجهة المخاطر المتنامية لهذا المخدر الاصطناعي.
كما حدد المرصد الوطني للإجرام أربعة محاور رئيسية للتحديات التي تواجه جهود مكافحة المخدرات في المغرب، تشمل الجوانب التشريعية والمؤسساتية والتقنية والاجتماعية. وأوضح أن القوانين الحالية تحتاج إلى تحديث لتشمل المخدرات الجديدة، مع ضرورة ضبط المواد الكيميائية المستخدمة في التصنيع المحلي.
وأكدت الدراسة أهمية تعزيز التنسيق بين المؤسسات المعنية وتوضيح صلاحيات اللجنة الوطنية للمخدرات، إلى جانب تطوير القدرات المخبرية والتقنية للكشف عن تركيبات “البوفا”، ومراجعة البروتوكولات العلاجية الخاصة بالمدمنين عليه.
أما على المستوى الاجتماعي، فقد دعت إلى تكثيف جهود التوعية بمخاطر المخدرات الاصطناعية ومكافحة الوصم الاجتماعي للمستهلكين، مع دعم برامج إعادة الإدماج المهني والاجتماعي للمتعافين.
وأعطى المرصد مجموعة من التوصيات أبرزها تحديث المنظومة القانونية، وتعزيز الإنذار المبكر، وتطوير آليات العلاج والعقوبات البديلة، فضلاً عن تقوية التعاون الإقليمي والدولي لتبادل المعلومات والتصدي للشبكات الإجرامية العابرة للحدود.
تعليقات