آخر الأخبار

صمت مغربي وهجرة جماعية نحو سبتة تهزّ السواحل الإسبانية

عاشت مدينة سبتة الإسبانية خلال الساعات الماضية حالة من التوتر الشديد، بعدما تدفق عشرات الشبان المغاربة عبر البحر في محاولات متكررة للوصول إلى الضفة الشمالية. وكشفت صحيفة Ceuta Ahora الإسبانية أن عناصر الحرس المدني واجهوا وضعاً معقداً خلال عمليات الإنقاذ التي جرت في ظروف بحرية قاسية، بينما ظلّ الجانب المغربي صامتاً دون أي تدخل رسمي.

اليوم، ومع استمرار المشاهد المؤلمة على شواطئ المتوسط، تصف الصحيفة الوضع بكلمات حادة: “الشباب المغاربة يواصلون السباحة نحو سبتة بلا توقف، بينما المغرب يلتزم الصمت”. صورة تختزل واقعاً مأساوياً يتكرر على مرأى من الجميع، بين أمواج لا تعرف الرحمة وقلوب تحمل أملاً يائساً في النجاة.

في ساعات الليل، كانت المياه تدفع أجساداً شابة تتحدى الموج، بعضها لطلاب يبحثون عن مستقبل، وآخرون عاطلون أو فقدوا الثقة في وطنهم. تراوحت أعمارهم بين السادسة عشرة والثلاثين، جيل بأكمله يغامر بحياته هرباً من انسداد الأفق. مشاهد إنسانية مؤلمة تختلط فيها الإرادة بالخوف، والرغبة في النجاة بالعجز عن العودة.

وتنقل التقارير أن المهاجرين الذين تمكنوا من الوصول إلى سبتة تلقّوا تشجيعاً من رفاقهم الذين سبقوهم إلى الشاطئ الإسباني، يلوّحون لهم من بعيد ويدعونهم إلى الصمود حتى بلوغ الرمال. لحظة قصيرة من الأمل وسط ظلام البحر، تختزل معاني التضامن والبقاء في أبسط صورها.

وتؤكد الصحيفة أن غالبية الواصلين هذه المرة ليسوا من دول إفريقيا جنوب الصحراء كما اعتادت السلطات الإسبانية، بل من المواطنين المغاربة أنفسهم، وهو ما اعتُبر تحولاً لافتاً في نمط الهجرة غير النظامية عبر شمال المغرب. وتشير المصادر إلى أن الرباط لم تعد تقبل تلقائياً بإعادة رعاياها، ما يعقّد عمليات الترحيل ويطيل مدة بقاء المهاجرين في الأراضي الإسبانية.

وبينما يتقدم الكثيرون من هؤلاء بطلبات لجوء إنساني أو سياسي بمساعدة منظمات حقوقية، تستفيد هذه الفئة من بطء الإجراءات الإدارية والقضائية داخل مدريد، الأمر الذي يمنحهم وقتاً أطول للبقاء في سبتة ومراكز الاستقبال القريبة منها، في انتظار تسوية قانونية قد لا تأتي سريعاً.

وتربط الصحافة الإسبانية، وعلى رأسها Ceuta Ahora، بين تصاعد موجات الهجرة من شمال المغرب وتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها الشباب خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد احتجاجات ما يُعرف بـ“جيل زيد”. وتشير التحليلات إلى أن شعور الإحباط العام يدفع كثيرين إلى اعتبار “الهروب” الخيار الوحيد المتاح، في وقت تواصل فيه الحكومة المغربية تركيزها على ملفات كبرى مثل التحضير لكأس العالم 2030 وكأس إفريقيا للأمم، ما يزيد من اتساع الفجوة بين الشارع والسلطة.

المقال التالي