آخر الأخبار

التصويت.. سلاح الشباب لمحاربة الفساد وصناعة التغيير الحقيقي

تشهد مختلف المدن المغربية منذ نحو أسبوعين احتجاجات شبابية قادها شباب أطلقوا على أنفسهم اسم “جيل زد”، عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة “ديسكورد”؛ هؤلاء الشباب رفعوا شعارات تطالب بإصلاح قطاعات التعليم والصحة والتشغيل، والدعوة إلى القطع مع الفساد بكل أشكاله، مؤكدين رفضهم لأي محاولة لتسييس حركتهم أو الركوب على مطالبهم من قبل الأحزاب السياسية.

ورغم عدالة المطالب وجرأة الخطاب، إلا أن هؤلاء الشباب يبدون عزوفا واضحا عن الانخراط في الحياة السياسية بشكلها الحالي، معتبرين أن الأحزاب القائمة تتحمل جزءا من مسؤولية تعثر الإصلاحات وتراجع الثقة في المؤسسات؛ كثيرون منهم يعترفون بأنهم لا يشاركون في الانتخابات ولا يؤمنون بجدوى التصويت، بعدما فقدوا الأمل في التغيير عبر الصناديق.

لكن هذا العزوف، وفق خبراء ومحللين سياسيين، قد يكون أحد أبرز أسباب استمرار الفساد وضعف الكفاءة في تدبير الشأن العام؛ فحين يختار الشباب الصمت والابتعاد عن صناديق الاقتراع، يفسحون المجال أمام من لا يستحقون، ليعتلوا مناصب المسؤولية بأصوات قليلة، مستفيدين من ضعف المشاركة الشعبية.

التصويت، في نظر هؤلاء الخبراء، ليس مجرد إجراء إداري أو واجب مدني، بل هو أداة قوة بيد المواطن يمكن من خلالها محاسبة الفاسدين ومكافأة النزهاء؛ فكل ورقة تصويت هي صرخة ضد الفساد ورسالة دعم للنزاهة، وكل مشاركة في الانتخابات هي خطوة نحو التغيير الإيجابي وبناء مغرب أفضل.

إن الانخراط الواعي والمسؤول في العملية الانتخابية يمثل الطريق السليم لفرض الإرادة الشعبية، وتوجيه السياسات العمومية نحو ما يخدم المصلحة العامة؛ فحين يصوت المواطنون بكثافة ووعي، تتغير موازين القوى، ويُفتح الباب أمام كفاءات جديدة قادرة على الإصلاح والعمل بجد.

جيل “زد” الذي أبهر الجميع بوعيه وجرأته على المطالبة بالحقوق، يملك اليوم فرصة حقيقية لتوسيع دائرة تأثيره، ليس فقط في الشارع، بل أيضا داخل المؤسسات المنتخبة، عبر ممارسة حقه الدستوري في التصويت والمشاركة؛ فالإصلاح لا يكتمل بالاحتجاج وحده، بل يتطلب مواطنة فاعلة تدرك أن التغيير يبدأ من صندوق الاقتراع.

وبقدر ما تكون المشاركة الواسعة في الانتخابات مؤشرا على الوعي السياسي والمسؤولية الوطنية، فإنها تشكل في الآن نفسه أقوى رد عملي على الفساد والمحسوبية، ورسالة واضحة بأن الشباب المغربي قادر على رسم مستقبل بلاده بيده، لا بيد غيره.

المقال التالي