آخر الأخبار

نقابة الصحة بسوس تنتقد سياسة التوقيفات وتعتبرها محاولة لتغطية فشل الحكومة في تدبير القطاع الصحي

عبر المكتب الجهوي للجامعة الوطنية لقطاع الصحة بجهة سوس ماسة، المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عن قلقه الشديد إزاء ما وصفه بالتدهور المستمر للوضع الصحي في الجهة، محمّلاً وزارة الصحة والحكومة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع من تردٍّ بسبب ما اعتبره استمراراً في نهج سياسات فاشلة وارتجالية وغياب أي تفاعل جاد ومسؤول مع مطالب المهنيين منذ سنوات.

وأكد المكتب، في بيان له، أن المقاربة العقابية التي تعتمدها الوزارة من خلال إصدار توقيفات في صفوف الأطر الصحية محاولة لإيهام الرأي العام بأن المهنيين هم المسؤولون عن الحوادث التي عرفها المركز الاستشفائي الجهوي بأكادير، مشدداً على أن هذه السياسة تهدف إلى تعليق فشل المنظومة الصحية على الشغيلة، رغم ما تعانيه من ظروف مزرية نتيجة النقص الحاد في الموارد البشرية والتجهيزات والأدوية وضعف الحكامة وغياب نصوص تنظيمية ملائمة للواقع الميداني.

وأشار البيان إلى أن الجامعة الوطنية لقطاع الصحة دأبت على التنبيه إلى الاختلالات البنيوية والمالية والتدبيرية التي يعرفها القطاع، غير أن الوزارة والحكومة، بحسب تعبيره، اختارتا سياسة الآذان الصماء، بل واجهتا نضالات المهنيين بالمتابعات القضائية والمضايقات الإدارية. واعتبر المكتب أن إصلاح القطاع الصحي لا يمكن أن يتم إلا في إطار رؤية شمولية واستراتيجية مندمجة تقوم على مبادئ العدالة والمساواة بين القطاعين العام والخاص، مبرزاً أن المنظومة الصحية بالمغرب تسير بسرعتين، حيث يحظى القطاع الخاص بكل أشكال الدعم والتسهيلات بينما يعاني القطاع العمومي من الإهمال والتهميش.

وحمل المكتب الجهوي الجهات الوصية المسؤولية الكاملة في تأخر إنجاز المشاريع الصحية الكبرى بجهة سوس ماسة، وعلى رأسها المركز الاستشفائي الجامعي بأكادير والمستشفى الجهوي للأمراض النفسية، إضافة إلى مستشفيات القرب بكل من القليعة وأولاد برحيل، مطالباً بفتح تحقيق جدي ومحاسبة المسؤولين عن تعثر هذه المشاريع التي تسببت في احتقان اجتماعي واسع، عوض توجيه العقوبات نحو الأطر الصحية. كما انتقد بشدة سياسة إفراغ المستشفيات الإقليمية من أطبائها واختصاصييها، وتحويلها إلى محطات عبور نحو المركز الجهوي، مما يفاقم الضغط ويزيد من معاناة المواطنين.

وفي السياق ذاته، ندد البيان بضعف أداء شركات المناولة التي تستفيد من مبالغ مالية ضخمة دون مردودية حقيقية، متهماً الوزارة بمحاولة إسكات الأصوات المنتقدة عبر ممارسات تضييقية وملفات كيدية تستهدف النقابيين الذين يفضحون هذه التجاوزات. كما اعتبر المكتب أن ما يسمى بالإصلاح المزعوم لا يعكس الإرادة الملكية السامية، بل يستعمل كشعار لتبرير هيمنة القطاع الخاص الذي يستحوذ على أغلب ميزانية التغطية الصحية على حساب القطاع العمومي الذي يعاني من تفقير ممنهج.

وثمّن المكتب الجهوي ما وصفه بروح المسؤولية والتفاني التي تُبديها الأطر الصحية رغم الظروف الصعبة والإغراءات الخارجية، مشيراً إلى أن بعض التجاوزات التي تقع تبقى حالات معزولة لا يمكن أن تمحو التضحيات الكبيرة للعاملين في القطاع.

وانتقد المكتب القرارات الأخيرة للوزارة، واصفاً إياها بالارتجالية، مؤكداً أن توقيف الأطر سيُحدث فراغاً خطيراً داخل المستشفى الجهوي ويزيد من تعميق أزمة الثقة بين المهنيين والوزارة. كما عبر عن استغرابه من تعيين مدير جهوي بالنيابة في جهة سوس ماسة مع احتفاظه بمنصبه بجهة الداخلة، وتعيين مندوب الصحة بأكادير بالنيابة إلى جانب مهامه في إنزكان، معتبراً أن ذلك يعكس تخبطاً إدارياً كبيراً داخل القطاع. وانتقد أيضاً تحول المفتشية العامة من أداة لتقويم الأداء إلى وسيلة للضغط على المهنيين.

وأكد المكتب الجهوي على أن ما تسميه الحكومة إصلاحاً للقطاع الصحي العمومي يخدم بالأساس مصالح القطاع الخاص، مشدداً على أن الإصلاح الحقيقي لن يتحقق إلا بتثمين الموارد البشرية وتحفيزها وتأهيل المؤسسات الصحية العمومية وتجهيزها ومعالجة الإشكالات التدبيرية والقانونية، مع محاسبة المسؤولين عن تعثر المشاريع المتعثرة بدل تقديم الأطر الصحية كأكباش فداء لأخطاء المنظومة.

المقال التالي