أرباح شركات المحروقات تتجاوز 90 مليار درهم منذ تحرير الأسعار

كشفت دراسة حديثة لمنصة “الطاقة” المتخصصة، مدعومة بتصريحات نقابية وتقارير رسمية، أن شركات توزيع المحروقات في المغرب حققت أرباحًا ضخمة بلغت نحو 90 مليار درهم على مدى عشر سنوات، منذ تطبيق قرار تحرير أسعار المحروقات في السوق المحلية عام 2015. وتُقدّر الأرباح السنوية للقطاع بحوالي 9 مليارات درهم، منها 7 مليارات درهم من الغازوال و2 مليار درهم من البنزين، وفق ما أفاد به الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز.
في النصف الأول من أكتوبر 2023، سجلت أسعار البنزين والديزل ارتفاعًا ملحوظًا، حيث بلغ سعر لتر الغازوال حوالي 10.7 درهم، بينما وصل سعر لتر البنزين إلى 12.7 درهم، وفق رصد منصة الطاقة. لكن عند مقارنة هذه الأسعار بالتكلفة الفعلية، التي أظهرتها المعطيات الدولية وسعر صرف الدولار ومصاريف التوصيل والتخزين والضرائب، يتبين أن:
سعر لتر الغازوال لا يتجاوز 9.1 درهم.
سعر لتر البنزين لا يتعدى 9.9 درهم.
هذا الفارق الكبير يبرز الهوامش الضخمة التي تحققها الشركات في السوق المحلية، إذ يصل هامش الربح إلى 1.6 درهم لكل لتر من الديزل و2.8 درهم لكل لتر من البنزين، مقارنة بهوامش الربح قبل تحرير الأسعار التي كانت لا تتجاوز 0.6 درهم للديزل و0.7 درهم للبنزين.
أظهرت تقارير رسمية أن بعض الشركات قد ضاعفت أرباحها بشكل صاروخي بعد تحرير الأسعار. ففي تصريح للدكتور عبد الله بووانو، رئيس المهمة الاستطلاعية حول أسعار المحروقات (مايو 2018)، كشف أن أرباح إحدى الشركات قفزت من 300 مليون درهم إلى 900 مليون درهم بين عامي 2015 و2016 فقط، أي بثلاثة أضعاف في سنة واحدة. كما أظهر تقرير لمجلس المنافسة (2024) أن متوسط هامش الربح الصافي في السوق بلغ 2.9% خلال سنة 2024، أي ما يعادل 43 سنتيما لكل لتر غازوال و61 سنتيما للتر من البنزين.
يظل موضوع تحرير أسعار المحروقات في المغرب محط جدل واسع، خاصة فيما يتعلق بتأثيره على القدرة الشرائية للمواطنين. يقول الحسين اليماني، رئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول: “قبل تحرير الأسعار، لم يكن ثمن لتر الغازوال يتعدى 8 دراهم، لكنه اليوم لا يقل عن 13 درهمًا، بزيادة لا تقل عن 5 دراهم للتر الواحد”. ولتقدير التأثير الملموس، يضيف اليماني: “لنفترض أن أستاذًا يتنقل يوميًا لمسافة 100 كيلومتر ذهابًا وإيابًا، 20 يومًا في الشهر، بسيارة تستهلك 6 لترات كل 100 كم، فإن زيادة أسعار المحروقات تكلفه 600 درهم إضافية شهريًا فقط للتنقل، دون احتساب الزيادات غير المباشرة”. ويؤكد أن رفع الدعم وتحرير الأسعار “فتح المجال للفاعلين في القطاع لمضاعفة أرباحهم من حوالي 600 درهم في الطن إلى أكثر من 2000 درهم للطن، بينما تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين تراجعًا مهولًا”.
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة المغربية ألغت دعم أسعار المحروقات في عام 2014، وقررت تحرير الأسعار بشكل كامل في نوفمبر 2015، في عهد حكومة عبد الإله بنكيران. وكان الهدف المعلن هو توجيه ميزانيات الدعم إلى تحسين قطاعات الصحة والتعليم، لكن التقارير تؤكد أن هذا الهدف لم يتحقق، بل زاد العبء على المواطنين.
في ظل هذه المعطيات، يظل قطاع المحروقات في المغرب مثالًا صارخًا على اختلال توازن السوق لصالح الشركات على حساب المستهلك. فبينما تحقق الشركات أرباحًا قياسية تتجاوز 90 مليار درهم في عقد واحد، يدفع المواطنون فاتورة باهظة تؤثر بشكل مباشر على جودة حياتهم وقدرتهم الشرائية.
تعليقات