آخر الأخبار

من الشارع إلى النخب…تصاعد المطالب بإقالة حكومة أخنوش بعد انفلات احتجاجات الشباب

شهدت عدة مدن مغربية خلال الأيام الأخيرة موجة من الاحتجاجات الشبابية للمطالبة بجودة التعليم والصحة ومحاربة الفساد، غير أن هذه التحركات التي انطلقت بشكل سلمي منذ يوم السبت سرعان ما تحولت مساء أمس إلى مشاهد فوضى وانفلات خطير في مدن مثل وجدة وإنزكان وأيت عميرة وتزنيت، حيث تم تسجيل أعمال تخريب طالت سيارات الأمن وبعض المؤسسات البنكية والمحلات التجارية.

ورغم أن هذه السلوكيات المرفوضة استنكرها العديد من الفاعلين والمدونين الذين دعوا إلى محاسبة المتورطين فيها قانونيا، إلا أن جذور الأزمة تبقى مرتبطة أساسا بفشل الحكومة في تدبير المرحلة.

حكومة عزيز أخنوش وجدت نفسها في قلب العاصفة بعد أن عجزت عن تقديم حلول عملية لمطالب الشباب، وفضلت مقاربة أمنية تعتمد على الاعتقالات والتضييق بدل الحوار والإنصات، مما عمق الإحباط وزاد من منسوب الاحتقان؛ فشباب اليوم لم يعودوا يطالبون إلا بأبسط حقوقهم: تعليم جيد، مستشفيات تليق بالمواطن المغربي، وفرص عمل تحفظ الكرامة؛ غير أن الحكومة الحالية، ورغم الإمكانيات الضخمة التي توفرت لها، عجزت عن تحويل هذه المطالب إلى سياسات ملموسة.

الاجتماع العاجل الذي عقدته الأغلبية الحكومية أمس الثلاثاء كشف حجم التخبط أكثر مما قدم إجابات، إذ خرج ببلاغ رسمي وصف بالبارد والفارغ من أي روح مسؤولية، بلغة تقليدية منفصلة عن الواقع ولا تحمل أي إجراءات واقعية أو خطط واضحة للخروج من الأزمة؛ وهو ما جعل أصواتا عديدة ترتفع مطالبة برحيل الحكومة أو إقالتها، باعتبارها أصبحت جزءا من المشكلة وليست جزءا من الحل.

الشارع اليوم لا يثق في الوعود ولا في الخطابات الإنشائية، بل يطالب بإجراءات ملموسة تعيد الاعتبار للمدرسة العمومية والمستشفى العمومي وتضع حدا لنزيف الفساد والريع؛ وفي مقابل ذلك، يرى العديد من النخب أن البلاد بحاجة إلى صوت العقل والحكمة عبر إشراك المثقفين والسياسيين الذين جرى إقصاؤهم من الساحة بسبب آرائهم الجريئة، لإعادة الثقة في العمل السياسي وإيجاد حلول متوازنة تستجيب لتطلعات الشباب وتحصن الوطن من الفوضى.

إن ما وقع من انفلاتات وشغب لا يمكن تبريره، لكنه في الوقت ذاته لا يجب أن يستعمل كذريعة للتغطية على فشل الحكومة في احتواء الأزمة؛ المغرب اليوم يقف على مفترق طرق: إما الاستمرار في المقاربة الأمنية القصيرة الأمد التي أثبتت محدوديتها، وإما الانفتاح على مقاربة شاملة قوامها الإصلاح الجدي، الحوار الحقيقي، والمحاسبة.

واللافت أن نفس الأصوات التي طالبت برحيل الحكومة، استنكرت في الوقت ذاته أعمال التخريب التي طالت الممتلكات العامة والخاصة من طرف بعض المحسوبين على المحتجين، معتبرة أن مثل هذه الممارسات لا تمت للاحتجاج السلمي بصلة، وداعية إلى فتح تحقيق جدي ومعاقبة المتورطين فيها، حفاظا على الأمن والاستقرار اللذين تنعم بهما المملكة تحت قيادة الملك محمد السادس.

المقال التالي