آخر الأخبار

حكومة أخنوش في مواجهة جيل Z: صمت رسمي واحتجاجات تطالب بالكرامة، الصحة والتعليم في شارع لا ينتظر

عبد الله مشنون
كاتب صحفي مقيم في ايطاليا

في لحظة حسّاسة من تاريخ المغرب، يعلو صوت الشباب، صوت جيل Z، ليس كشكاوى عابرة بل كصرخة بالحق؛ حق يُستعاد عندما تُعامل الدولة مواطنيها بشفافية، عندما تُنظر إليهم كجزء فاعل من المجتمع، لا كأرقام تُستخدم في الحملات الانتخابية فقط.

لقد شهدنا خلال الأيام القليلة الماضية احتجاجات شبابية غير مسبوقة؛ شباب نزل إلى الشارع حاملاً آماله، لا السلاح؛ مطالب غابت عن أجندة الحكومات، رغبة غير قابلة للتجاهل في العدالة الاجتماعية، في التعليم، في فرص العمل، في كرامة تُحفظ لا تُهان. لكن أن ينقلب هذا التعبير المشروع إلى عنف وتخريب، فذلك ليس بمعزل عن ممارسات تؤجج الاحتقان: الصمت الرسمي، التجاهل المزمن، التأجيل اللامتناهي، وغياب أفق واضح.

الدولة اليوم أمام امتحان وجودي: هل ستُواصل التأخر بينما الثقة تنهار؟ هل ستكتفي بالقوة الأمنية لتهدئة الغضب، أم ستقبل بالتحوّل الحقيقي؟ الأمن قد يُوقف الاحتجاجات مؤقتًا، لكنه لا يستطيع أن يوقف القلق الذي يتراكم، ولا يمحو الأسئلة: أين هو المستقبل؟ أين التوازن بين الحقوق والواجبات؟

جيل Z ليس جيل الوعود الكاذبة، ولا جيل الانتظار إلى أجل غير مسمّى. جيل Z لا يُرضيه الكلام الفارغ، ولا يُغلق عينيه أمام الواقع المعيشي المؤلم. إنه جيل يرفض أن ينظر إليه كمتفرّج، بل كمساهم فاعل، كجزء من التغيير، ليس فقط طالبًا أو مندّدًا، بل مشاركًا في صنع القرار، في البحث عن حلّ، في اقتراح بدائل.

إلى من يهم الأمر، أدعو إلى:

إعلان واضح لتعهد حكومي استراتيجي بفتح حوارٍ مع الشباب، يحدد مواعيد واضحة لاستجابة مطالبهم المشروعة، خصوصًا في الصحة والتعليم والتشغيل، وأن يُعطى هذا الحوار أبعادًا مؤسسية ومستقلة.

حكومة كفاءات وطنية لا تُدار من الشرفة، بل تتجوّل في الميدان، تلمس الواقع، ترى المعاناة وتبحث عن الحلول.

إصلاح عاجل لآليات المراقبة والمساءلة, ليُحاسب كل مسؤول تأخّر أو أهمل، دون مزايدة سياسية، بل وفق القانون والشفافية.

تعزيز التضامن المدني والحقوقي، دعم منظمات المجتمع المدني التي تحاول أن تكون صوتًا للناس، وتتيح منصات للتعبير غير المُهيأ، مجالات آمنة للحوار، للابتكار السياسي والاجتماعي.

سياسات اقتصادية واجتماعية مركّزة على تخفيف المعاناة الفورية، كالحدّ من أثمان المواد الأساسية، وتحسين الأجور، وضمان الخدمات الصحية التعليمية.

جيل Z ليس عبئًا على الدولة، بل مرآة لحجم التحديات التي عليها أن تعالجها. إن تجاهل صوته اليوم هو خسارة في الأمل، وخطرٌ حقيقي في استقرار المجتمع. الأزمة ليست في الشباب الغاضب، بل في الدولة التي لم تتوقّع أن يكون المواطن اليوم أقل صبرًا، أكثر وعيًا، وأقل استعدادًا للتسليم بـ “الانتظار”.

رسالة إلى كل من في موقع مسؤولية: إن استيعاب هذه الصحوة ليس هدبًا على صفحة التاريخ – إنه اختبار أخلاقي وسياسي يؤرّخ لمن يريد أن يكون جزءًا من بناء المغرب، لا من معاناة شعبه.

صحفي من مغاربة العالم، أتابع نبض الشارع المغربي بقلق وأمل، لأنني أؤمن أن الأمة تبنى إنما بالأمل الذي لا يموت وبكلمة تُترجم إلى فعل.

المقال التالي