احتجاجات الشباب بالمغرب: الإعلام العمومي غائب والفضاء الرقمي يحتل المشهد

شهد المغرب خلال الأيام القليلة الماضية موجة احتجاجات شبابية في عدة مدن، عبر خلالها الشباب عن تذمرهم من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، مطالبين بتحسين التعليم، والصحة، وخلق فرص للشغل، وإيجاد حلول جذرية لأزماتهم اليومية؛ هذه التحركات، التي لاقت صدى واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، أكدت أن جيل الشباب أصبح فاعلا ومطالبا بالاستماع إليه، وأن أي محاولة لتجاهل أصواته أو فهم مطالبها بدقة ستزيد من تعميق الهوة بين المجتمع والسلطات.
في المقابل، فشل الإعلام العمومي بمختلف قنواته في تغطية هذه الاحتجاجات بشكل مهني وموضوعي، تاركا الساحة أمام الشائعات والتكهنات، دون فتح حوارات مباشرة مع المحتجين، أو استضافة برامج تحليلية تقدم قراءة واضحة للأحداث؛ لم يتم الاستفادة من خبراء في السياسة وعلم الاجتماع أو مسؤولين لتفسير دوافع التحركات وأبعادها، ولم تمنح فرصة للشباب للتعبير عن آرائهم أمام الرأي العام، وهو ما اعتبره متتبعون تقصيرا واضحا في دور الإعلام كمكون أساسي من عملية بناء الديمقراطية وتجويد النقاش العمومي.
وحسب مدونين فقد كان من الممكن للإعلام العمومي تنظيم برامج مباشرة، تضم الشباب المحتجين، وخبراء ومسؤولين، لتقديم تحليل متوازن وواضح لما يجري، وتوضيح مطالبهم وأسباب احتجاجاتهم، وربطها بالواقع الاجتماعي والاقتصادي؛ مثل هذه البرامج تساعد على تفادي الشائعات، وتعزز الثقة في المؤسسات، وتخلق فضاء للنقاش الديمقراطي الفاعل.
في المقابل، اهتمت وسائل الإعلام الدولية والعربية بالموضوع، مستضيفة محللين وخبراء، واستضافت شبابا للمشاركة بآرائهم، ما أتاح للجمهور فهما أعمق للأحداث وأبعادها، وعكس قدرة الإعلام على أداء دوره في نقل الوقائع وتحليلها بموضوعية؛ هذا الغياب يطرح تساؤلات حول جدوى الإعلام العمومي الذي يستنزف نسبة مهمة من المال العام دون أن يقوم بدوره الأساسي في نقل الأحداث بشكل دقيق، وإشراك المجتمع في النقاش العمومي، والمساهمة في إيجاد حلول للأزمات الاجتماعية.
وأكد ذات المدونين أن إعادة النظر في أداء الإعلام العمومي ضرورة ملحة، لضمان استقلاليته، وتعزيز قدراته على تقديم محتوى موضوعي، وتحليل دقيق، وفتح قنوات تواصل حقيقية بين الشباب والسلطات، بما يسهم في تعزيز الديمقراطية وتقوية الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
تعليقات