الرميد يدعو للقطع مع “البريكولاج” واعتماد المحاسبة لإصلاح قطاع الصحة ورد الاعتبار للمستشفيات العمومية

دعا وزير العدل والحريات الأسبق، المصطفى الرميد، إلى القطع مع ما وصفه بمنطق “البريكولاج” في إصلاح المنظومة الصحية، مؤكداً أن الأزمة التي يشهدها القطاع تتطلب رؤية شاملة مبنية على التتبع الدائم والمحاسبة المستمرة للمسؤولين.
الرميد تفاعل مع موجة الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها شوارع المملكة خلال نهاية الأسبوع السبت والأحد، احتجاجاً على تردي أوضاع الصحة والتعليم. واعتبر أن المنظومة الصحية تعاني من اختلالات عميقة رغم الجهود المبذولة، ما جعلها في قلب احتجاجات عارمة.
وفي تدوينة على حسابه الرسمي في فيسبوك، شدد الوزير السابق على أن “هذه الاحتجاجات التي تعكس الخصاصات وسوء التدبير في المستشفيات العمومية، تفرض وضع خارطة طريق واضحة لإصلاح القطاع، بعيداً عن المعالجات السطحية التي لا تتجاوز كونها بريكولاج لا أكثر”.
وأوضح أن الإصلاح يقتضي تحديد أهداف دقيقة ورصد الإمكانيات اللازمة لتحقيقها، مع إبرام تعاقدات بين الإدارة المركزية والجهوية وكافة الوحدات الاستشفائية، حتى يكون التتبع والمحاسبة جزءاً من سير العمل اليومي. واستحضر في هذا السياق التجربة التي اعتمدها بوزارة العدل بين 2012 و2016، حين جرى تصنيف المحاكم وفق معايير صارمة إلى لوائح خضراء وصفراء ورمادية وسوداء، مما أتاح التدخل بشكل فعال لمعالجة الاختلالات.
كما اعتبر أن الأمر يستدعي توفير البنيات الصحية الملائمة، وإصلاح ما لا يستجيب منها للمعايير المطلوبة، إلى جانب ضمان العدد الكافي والمؤهل من الأطر الطبية والشبه طبية، وتحديد الحاجيات اللوجستيكية والدوائية بدقة. وأكد أن هذه الإصلاحات يجب أن تكون مرفوقة بدفتر تحملات يحدد التزامات كل وحدة صحية ويتيح تصنيفها بناء على أدائها الفعلي.
وأشار الرميد إلى أن الهدف من هذه التصنيفات ليس التصنيف في حد ذاته، بل تمكين المسؤولين من تقييم مستوى أداء المستشفيات ودراسة أسباب تعثرها، سواء تعلق الأمر بنقص الموارد أو بسوء الحكامة والتدبير، مما قد يستدعي تغيير المسؤولين عنها.
ولم يغفل الوزير السابق أهمية المتابعة اليومية والزيارات الميدانية المفاجئة للوقوف على الاختلالات والتسيب، مؤكداً أن تحسين وضعية الأطر الطبية عبر تحفيزات مادية ومعنوية كفيل بجعلها أكثر التزاماً بالقطاع العمومي، مع محاسبة من يخلّ بذلك بانشغاله بالقطاع الخاص.
وختم الرميد بالتأكيد على أن نجاح أي إصلاح يتوقف على جدية المسؤولين، قائلاً إن “رئيس الحكومة مطالب بالتعاقد مع الوزراء على أهداف إصلاحية واضحة، مع تتبع نتائج عملهم باستمرار، لأن الانتظار إلى حين اشتعال الأزمات لا يؤدي إلا إلى حلول ترقيعية تشبه مغامرات دونكيشوطية في إطفاء الحرائق”.
تعليقات