720 مليار درهم للذكاء الاصطناعي بالمغرب.. فرصة تاريخية أم رهينة التبعية الغربية مجدداً؟

أثار إعلان الملياردير الزيمبابوي سترايف ماسييوا، مؤسس مجموعة كاسافا تكنولوجيز، عن اختيار المغرب لاحتضان مصنع متطور للذكاء الاصطناعي، موجة من التفاؤل والتغطية الإعلامية. فالمشروع، الذي تصل قيمته الإجمالية إلى نحو 720 مليون دولار (حوالي 720 مليار درهم)، يُقدَّم كخطوة كبرى نحو تحقيق ما بات يُعرف بـ”السيادة الرقمية الإفريقية”، ويشمل خمس دول هي: جنوب إفريقيا، نيجيريا، كينيا، مصر، والمغرب.
وفق الرواية الإعلامية، يشكل المصنع المغربي إحدى الركائز الاستراتيجية للمشروع، لما يوفره من فرص لتطوير البنية التحتية الرقمية، ولجعل المملكة منصة تكنولوجية إقليمية. كما أن المصنع سيُجهَّز بآلاف معالجات “نيفيديا” الرسومية، ما قد يتيح للباحثين والجامعات والشركات الناشئة المغربية قدرات حوسبة عالية، طالما افتقرت إليها القارة.
غير أن خلف هذا الزخم، تكشف التقارير أن شركة كاسافا حصلت على 310 ملايين دولار فقط من أصل 720 مليوناً، ما يطرح أسئلة حول مصدر التمويل المتبقي وجدية إنجاز المشروع بكامله. الأهم أن جنوب إفريقيا وحدها حصلت على 3000 وحدة معالجة رسومية وبدأت التنفيذ فعلياً، بينما المغرب سيتقاسم مع ثلاث دول أخرى 9000 وحدة على مدى ثلاث إلى أربع سنوات.
الحديث عن “السيادة الرقمية الإفريقية” يصطدم بواقع التبعية؛ فالمشروع يقوم كلياً على تقنيات نيفيديا الأمريكية، التي تحتكر 93% من السوق العالمي، إضافة إلى شراكات مع شركات كبرى مثل مايكروسوفت وجوجل وAnthropic. ما يعني أن القارة ستظل رهينة التكنولوجيا الغربية، رغم الطموحات المعلنة.
في المقابل، لا يمكن إنكار أن المغرب يتوفر على موقع استراتيجي، وبنيات تحتية حديثة، وشبكة اتصالات متطورة، إضافة إلى كفاءات شابة في مجالات البرمجيات والابتكار. هذه العوامل تمنحه عناصر جذب للاستثمارات، لكنها تبقى رهينة التنفيذ الفعلي للمشروع.
ورغم أن المشروع يمثل خطوة أولى نحو تعزيز الحضور الرقمي للمغرب في إفريقيا، إلا أن غياب الشفافية حول موقع المصنع، والتمويل غير الواضح، والتوزيع غير المتوازن للموارد، يجعل الطموح أكبر من الحقيقة. النجاح سيظل رهيناً بقدرة المغرب على تحويل الإعلان إلى إنجاز ملموس يخدم الكفاءات المحلية، بدل أن يبقى مجرد خبر إعلامي.
تعليقات